للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقفة مع شباب الرياضة]

إن مهمة العمر عظيمة وخطيرة، إن مهمة العمر في زمن قصير، فهو قصير بالأكدار، وقصير بالآجال المفاجئة، وقصير لأن كل لذات الدنيا فانية حقيرة، فمن ذاق طعاماً انقلب غصصاً في جوفه حتى يتخلص منه، ومن ساغ شراباً انقلب حصراً في جوفه حتى يتخلص منه، ومن جلس مجلساً تبرم إذا طال المجلس حتى يقوم منه.

إذاً فلذات الدنيا ذاتها مكدرة إذا طال العبد فيها، فما بالك بحال الدنيا والعبد مفارقها لا محالة، فالعمر قصير، واللذات مكدرة، ولكنا نعود ونقول لأولئك الشباب والفتيات: اسألوا الذين انشغلوا بالفن والطرب واللهو والكرة، اسألوا الذين قطعوا شوطاً بعيداً في كل ما سمعتم، اسأل نجماً رياضياً: هل كانت الرياضة مهمة يأنس إليها، ويركن ويطمئن ويتوكل عليها، ويرجو أن يموت عليها؟ على الرغم من اشتغال الجماهير به، المعجبين حوله، والكاميرات والفلاشات، وآلات التصوير، والصور الملونة في الصفحات الملونة في الجرائد والمجلات، كان ذلك النجم شغلاً شاغلاً للشباب في كراساتهم، وعلى طاولات دراساتهم، وكانت صور هؤلاء النجوم معلقة في حجرهم، وبعضهم تمنى أن تكون له صورة ولو بمكان قريب من ذلك النجم، سعدت تلك الأعين التي رأتك والأعين التي رأت من رآك.

بعضهم لو قيل له: إن فلاناً جالس مع اللاعب أو النجم الفلاني لكبر خمساً تسعاً نسقاً، فكأنما هي مكرمة نالها بالجلوس مع صاحبه هذا، ومن يكون فلان الذي يأتي يوم القيامة وكل نفس بما كسبت رهينة، هل تنفعه أهدافه؟ هل تنفعه جولاته؟ هل تنفعه صولاته؟ اسأل أولئك النجوم وقل: هل ترجون أهدافكم ساعة الاحتضار؟ وهل ترجون مواقفكم وصدكم لهجمات الفريق المعادي لكم، هل ترجونها يوم نزع الروح؟ لا والله.

كل يتبرأ من هذا كله، فلا ينظر أيمن وأشأم منه إلا ما يرجوه من رحمة الله وعمل صالح.