للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شعار القومية عند البعث]

الأمر الآخر يا عباد الله! أن حزب البعث قومي، ومعنى قوميته: أنه للعرب وحدهم فقط، وما سوى ذلك من المسلمين فلا يقيم هذا الحزب لهم وزناً، بل إن البعث لا يقيم للإسلام وزناً وإنما يقيم الوزن للعرب لكونهم عربا، ويمكن أن ينطوي تحت لواء البعث العلماني والشيوعي والنصيري والدرزي والخبيث والرافضي والقادياني وكل من له بدعة، المهم أن يكون عربياً سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً أو وثنياً مشركاً أياً كان لا يلتفت لهذه الأمور فقط وإنما هو حزب عربي.

فمن كان عربياً فالحزب يعترف به ويتعامل به، ومن لم يكن كذلك فلا يقيم الحزب له وزناً، وهذا الكلام متناقض مع ما يفعله البعثيون اليوم، أليس جيرانهم من أهل الكويت وغيرهم من العرب؟ فلماذا يفعلون بهم هذا؟ نعلم من هذا أن هذه شعارات زائفة براقة يخدعون فيها سذج الناس وبسطاء الخلق ليجرّوهم للانضمام تحت هذه الأحزاب، وما سوى ذلك فإن الحزب كله جامع لحقد يهودي ونصراني وعلماني وإلحادي وشهوات شخصية بشرية بحتة لا يلتفت إلى ما سواها.

الأمر الثالث من أركان هذا الحزب: أنه اشتراكي: فيقولون بمبدأ حزبهم أنه لا يجوز أن تكون السعودية مثلاً غنية والبعثيون فقراء، أو أن يكون الكويتيون أغنياء والعراقيون فقراء، أو لا يكون أهل الخليج أغنياء والعراقيون فقراء، بل إن الحزب يجمع على شعار الاشتراكية، ويعني هذا: أن يشترك العرب كل العرب بما فيهم من اليهود والمجوس والنصارى والعلمانيين والإلحاديين والقاديانيين والبعثيين والنصيريين والدروز وكل الطوائف الضالة الكافرة كلهم يتمتعون بخيرات الأمة العربية.

الأمة العربية -يقولون- لابد أن تقسم خيراتها على جميع أبناء الأمة العربية، وكذبوا وخسئوا، لو صدقوا في ذلك لكانت خيرات العراق تعود على أبنائها، ولكن قيادة البعث ثرية غاية الثراء، وبقية الشعب في منتهى الفقر والذلة والمسكنة وقلة الحال وذات اليد، فهذه الشعارات ساطعة براقة، فهذه شعارات زائفة يرفعونها ليخدعوا بها السذَّج والبسطاء.

والمصيبة كل المصيبة: أن أبناء المسلمين أو من شبابهم يوم أن يسافر إلى بعض دول الخارج أو يوم أن يكون منحلاً من دينه غير ملتزم بأوامر ربه؛ تجده يدخل هذه الأفكار، وتداعبه الأحلام الماسية، يظن أنه سينعم يوماً ما بأهداف البعث وما يعدونه به، وما علم أنهم يستخدمونه مطية لكي يصلوا به إلى ما يريدون وما يشتهون، ثم بعد ذلك جزاؤه أن يرمى أو أن يقتل، وما أكثر البعثيين من أبناء الحزب الذين اختلفوا مع قادتهم فقتلوا وصفوا، وحسبكم أن مائة وعشرين ضابطاً من ضباط الحزب وبعضهم من العراقيين لما تناقشوا في قضية غزو الكويت كان مآلهم أن يقتلوا وفتحت الرشاشات على صدورهم قبل لحظات الغزو، أفبعد هذا ينخدع مسلم بهذه الشعارات البراقة، وهذه المناهج الزائفة؟ والله إن أمة العرب كانت أهون على الله من الجعلان والجنادب والجراد والخنافس، وليس لأمة العرب وزن إلا بالإسلام؛ فمن أراد أن يرفع العرب لأنهم عرب فإن أبا لهب وأبا جهل وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط من أصلاب العرب ومع ذلك فإنهم في الدرك الأسفل من النار.