للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصية لطلاب العلم في ترك النقد]

وأخيراً أيها الأحبة: دعوة إلى الطيبين، إلى الصالحين الذين أكرمهم الله بالهداية وبالاستقامة، ثم لم يكن لهم بعد ذلك شغل إلا الجلوس في المجالس، ما رأيك في فلان؟ وما حكمك على فلان؟ وما قولك في فلان؟ وكأنهم أئمة الجرح والتعديل، وكأن الكون لا يدور إلا بآرائهم وأحكامهم، قد اشتغلوا بما لا يسألون عنه عما سيسألون عنه، وفي هذا المقام أنقل لكم وصية الإمام/ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان التفسير المشهور المعروف، كان يقول لولده: يا بني! إن الله لن يسألك يوم القيامة لماذا لم تشتم فرعون، ولكن الله سيحاسبك على عرض كل مسلم زللت فيه، بعض الشباب وإن كانوا من الصالحين مشغولون بالجرح والتعديل في الناس، وليسوا عليهم وكلاء، وليسوا عليهم بحافظين: {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين:٣٣] ولن يحاسبوا عنهم، ولكن مشغولون بهم، ولو سألت أحدهم عن نفسه ماذا حفظت؟ ماذا قرأت؟ ماذا استظهرت؟ ماذا أنتجت؟ كم شاباً دعوت؟ كم كافراً دعوت إلى الإسلام؟ لما وجدت حظ الإسلام منه شيء، وكما قال القائل:

وأنت امرؤ فينا خلقت لغيرنا حياتك لا نفع وموتك فاجع

شاب لو صارت له مصيبة لانزعجنا لمصيبته، لو احتاج دماً تبرعنا له من دمائنا، لو احتاج كلية لبحثنا نشتريها أو نتبرع بها، لو حصل له فاقة لجمعنا الأموال بعد عسره، ولكن في حال طمأنينته ما نفعنا وما نفع الدعوة، وما نفع الإسلام بشيء.

فيا أخي الكريم: لا تكن من المشغولين بلا مهمة، لا تكن من الذين ذهبت أيامهم ولياليهم بلا فائدة أبداً.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وأسأل الله جل وعلا أن يكون الحديث حجة لنا ولكم، ولا يكون حجة علينا وعليكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.