للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تجلت قدرة الباري]

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، أحمده سبحانه على نعمه وآلائه، وأثني عليه الخير كله، أشكره ولا أكفره، وأخلع وأترك من يفجره، أرجو رحمته وأخشى عذابه إن عذابه الجد بالكفار ملحق.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه وعن الند وعن المثيل وعن النظير، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أيها الأحبة في الله: يتحدث الناس عن العظماء، ويتحدث الناس عن الزعماء، ويتحدث الناس عن أولي القوة والسطوة والعز والجبروت، ولكن كثيراً من الناس لا يفقهون ولا يعلمون ولا يدركون ما لله عز وجل من عظمة بالغة هي أولى وأحرى أن تذكر، وهي أولى وأحرى أن تسطر، وهي أجل وأعلى من أن يحيط بها علم عبد، ولكن العباد يتطاولون في هذا المقام؛ فما بلغوا فيها من الثناء على الله عز وجل والإخبات والانقياد والإذعان والتسليم له بمقدار ما أثنوا وأجابوا واستجابوا حمداً ومحمدة ومنزلة عظيمة.

إن الكلام عن عظمة الله -أيها الأحبة- كلام من عباد الله الفقراء عن ربهم الغني، وكلام من عباد الله الأذلاء عن ربهم العزيز، وحديث من عباد الله المساكين عن ربهم الجبار، وحديث من عباد الله أولي المسغبة والمسكنة والمتربة والذلة والفقر والحاجة والانكسار إلى الله عز وجل {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:٢٥٥] إلى الله نور السماوات والأرض، إلى الله الذي لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى، إلى الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها، إلى الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل، إلى الله الذي يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد، إلى الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم، إلى الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر:٢٣ - ٢٤].

هو حديث من الضعفاء والأذلاء والفقراء عن ربهم الغني العزيز القوي الجبار المتكبر له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون.