للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إنه الله جل جلاله]

إنها قدرة الله! إنها مشيئة الله! إنها إرادة الله! إنها عظمة الله الذي يتحدث الناس عن عظمة من دونه، ويجهلون ويغفلون ولا يسبحون ولا يحمدون ولا يذكرون ولا يتذكرون عظمة الذي خلقهم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [النمل:٦٠ - ٦٤].

نعم أيها الأحبة: أإله مع الله؟ أإله مع الله يخلق؟ أإله مع الله يدبر؟ أإله مع الله يأمر؟ أإله مع الله ينهى؟ أإله مع الله يشرع؟ أإله مع الله يخلق من عدم؟ أإله مع الله يعز من يشاء ويذل من يشاء؟ أإله مع الله يعطي الملك ويسلب الملك؟ أإله مع الله يخفض أقواماً ويرفع آخرين؟ أإله مع الله يبسط ويقدر؟ أإله مع الله يحي ويميت؟! لا وألف لا، سبحان الله تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

لقد عرف السلف قول الله عز وجل: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة:٧٥] قالوا: إن ذلك إشارة إلى أماكن النجوم، ثم تطور العلم وتقدم الإعجاز فاكتشف علماء الفلك أن هناك نجوماً ذهبت من أماكنها، أرسلها الله، سرعتها كسرعة الضوء أو أكثر ولم ترتطم بالأرض إلى اليوم وبقيت مواقعها هناك فقال عز وجل: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة:٧٥] ولم يقل الله فلا أقسم بالنجوم تعظيماً لمواقعها التي قدرها وشاءها ولا تخرج عن مسارها ومدارها ولا تتعدى ما حدد الله لها قيد أُنملة: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر:٥٧].

روى البخاري بسنده إلى محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ} [الطور:٣٥ - ٣٧] لما سمع جبير بن مطعم هذه الآية قال: كاد قلبي أن يطير) وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق عن الزهري به.

وجبير قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر ليكلم النبي صلى الله عليه وسلم في فداء الأسارى، وكان جبير إذ ذاك مشركاً، فلما سمع هذه الآية كانت سبباً من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام، وقد ذكره ابن كثير أيضاً.