للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرد على من تسلسل بالسؤال عن الخلق حتى سأل عن الله سبحانه وتعالى]

السؤال

ما هو الرد على من يسأل: من خلق كذا ومن خلق كذا حتى قالوا من خلق الله، أفيدونا أفادكم الله؟

الجواب

هذا قد يكون من باب الوسوسة، فإن الشيطان يعمد إلى أحدكم -كما جاء في الحديث- من خلق كذا ومن خلق كذا ومن خلق كذا ثم يقول: من خلق الله، وقد جاء بعض الصحابة رضوان الله عليهم يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوسة الشيطان وتسلطه فقالوا: يا رسول الله! إن أحدنا ليكون الأمر في نفسه مما يود أن يلقي بنفسه من شواهق الجبال ولا يتلفظ به، فقال صلى الله عليه وسلم: (أوجدتم ذلك، ذلك عين الإيمان، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة).

وأضرب مثالاً بسيطاً جداً: تصور أنك تعيش في قصر محكم منيف وعليه أسوار وأبراج وحراسات محترمة ولا يستطيع أحد يقترب منه، ثم جاء عدو من الأعداء يريد أن ينال منك، فلما دنا منك وجدك محصناً في هذه الأبراج العالية والقصور المشيدة وأخذ حصاة صغيرة ثم رمى سور قصرك، هل يضرك شيء، هذا دليل على ضعف هذا الذي جاء يريد أن ينال منك شيئاً، فوجدك محصناً ثم لم يجد إلا أن يأخذ حصاة صغيرة ويخذفك أو يرميك بها، تضحك وتقول: الحمد لله الذي جعل هذا العدو لا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا أن يأخذ قطعة صغيرة من الحجر أو الحصى فيرمي بها على هذا السور الذي بيني وبين السور من الأسوار إلى آخره والأماكن والمجالس والضِياع الكثير ولا يمكن أن يصلني شره.

فكذلك الشيطان إذا جاء إلى مؤمن ووجده متمكناً بالإيمان بوحدانية الله وربوبيته، وألهويته وأسمائه وصفاته، متمكناً في الإذعان والتسليم والانقياد لله عز وجل، جاءه الشيطان يرجمه من خلق كذا من خلق كذا، حتى يقول له من خلق الله.

والدليل على أن كيد الشيطان ضعيف أن القضية ما تحتاج أنك تأتي برشاش قال صلى الله عليه وسلم: (فليتفل أحدكم عن يساره، وليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ويتفل في كل مرة، يعني تصور عدو تدفعه بنفثة، مع قولك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، نعم هي نفثة يسيرة دليل على ضعفه وضعف كيده ووسوسته {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} [النساء:٧٦] وفيها معنى آخر هي قوة اسم الله؛ لأنك لو قلت أعوذ بفلان أو بعلان من الشيطان لتسلط الشيطان عليك زيادة، ولكن لما قلت أعوذ بالله كانت استعاذتك بالله دفعاً لشر الشيطان وإحراقاً له، فهذا معنى ينبغي أن يُطْمَئن إليه، كل ما عليك إذا وسوس لك الشيطان تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم، إذا خشيت أن يدخل عليك الشيطان من باب شرك خفي ونحوه، وإذا جاء يوسوس لك في مثل هذه الأمور فاتفل عن يسارك واستعذ بالله: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف:٢٠٠] الاستعاذة مع اليقين التام تطرده بإذن الله.

وثق أن الشيطان لو استطاع أن يجد منك شيئاً لجرك بأم رأسك إلى منتهى الكفر والضلال والإلحاد والجرائم والفواحش، لكن الشيطان لما جاء ووجدك متمكناً في حصن عظيم ما وجد إلا كما يجد ذاك الذي جاء إليك يريد أن يهاجمك فأخذ حجرة ورجم بها سور بيتك، أو سور قصرك فلا يضرك شيئاً.