للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الثقة بالله رأس كل شيء]

أعود بعد ذلك إلى فصل خطير من هذه القضية ألا وهو: مشاركة القوات الأمريكية لا أقولها معترضاً لا، وإنما أقولها سائلاً الله عز وجل أن يجعل مجيئهم سخرة لنا، نسأل الله أن يسخرهم لنا، وأن ينفعنا بما عندهم من علومهم وأن يدفع البلاء عن المسلمين أجمع هذه القضية صار فيها هرج ومرج، ولكن فلنفهم جيداً أن الأمريكان أهل كتاب نصارى أما البعثيون الذين يقولون:

آمنت بـ البعث رباً لا شريك له

فإنهم لا يؤمنون بالله فهذه استعانة بنصراني على ملحد بعثي غاشم، افهموها جيداً ولا تعبث بكم الأهواء والأفكار أو حديث المجالس واللقاءات الخاصة، وبعضكم لا يدري كيف يحلل الوضع جيداً.

والأمر الآخر يا عباد الله! أن الناس كانت أيديهم على قلوبهم من الفزع والخوف والقلق قبل وصول القوات الأمريكية، فلما وصلت اطمأنوا جميعاً! نحن لا ننزعج من وصولها ولكن ننزعج من أن الناس ارتبطوا بهذه القوة ولم يرتبطوا بالله، هنا الخطورة.

يوم معركة بدر كم كان عدد الصحابة؟ وكم كان عدد المشركين؟ كان عدد الكفار ثلاثة أو أربعة أضاعف المؤمنين، ومع ذلك القلة المؤمنة انتصرت على الكثرة الكافرة، ويوم حنين كان عدد الصحابة اثنا عشر ألفاً وعدد الكفار ثلاثة آلاف فهزم المسلمون في البداية ففي بدر كان المؤمنون قلة والكفار كثرة فانتصروا؛ لأنهم تعلقوا بالله تعلقاً وقطعوا الأمل بما سواه فنصرهم الله جل وعلا وما النصر إلا من عند الله {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة:٢٥].

عدد الصحابة اثنا عشر ألفاً وعدد الكفار ثلاثة آلاف فانتصر الكفار في البداية.

إذاً: هل الذي يحقق النصر هو القلة والكثرة أم الله جل وعلا؟ إنه الله جل وعلا؛ فلنرتبط بالله، ولنعلم أن الأمر بالله، ولنلح بالدعاء وسؤال الله جل وعلا أن يهلك هذه الأمة الظالمة الفاسدة.

ومن المصيبة أن من شبابنا أو رجالنا -ولا أقول كلهم- من يجلس يحلل الأحداث على ضوء ما يسمع من الإذاعات والنشرات والتحليلات وعلى ضوء ما عند الدول والقوات والعدد والعتاد، وينسى أن يجعل الأحداث مرتبطة بمن أحدثها ومن قدرها ومن خلقها ومن له المشيئة والحكمة البالغة فيها.

مثال ذلك: شخص في هذا المكان فلا يرى مخرجاً إلا مع هذه الأبواب المفتحة، أما المسلم فيرى في كل نسمة وذرة من هذا المسجد مخرجاً له لماذا؟ لأنه يرتبط بالله والله قادر أن يفتح له أبواباً عديدة.

فينبغي أيها الأحبة ألا نظن أن النصر، أو هزيمة الكفار البعثيين، أو أن خلاص الأمة من هذه الأزمة مرهون بهذه الأمور التي نراها ونسمعها في الأحداث والتحليلات، بل إن لله أمراً لا نعلمه: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ} [المائدة:٥٢] فعند الله أمر لا تعلمونه، فاسألوا الله هذا الأمر الذي به الفرج والنصر والعزة وما ذلك على الله ببعيد.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.