للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مشكلة الفراغ عند الشباب]

وثانيها: الفراغ، لا شك أن الفرغ هو الذي يولد المشكلات ولاشك أن الفراغ كما يقول الشاعر:

إن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسده

فإذا وجد الشباب بحيويته وطاقته التي لم توجه، ووجد الفراغ، وأضيف إلى ذلك شيء من المال فإن الشاب -ولا حول ولا قوة إلا بالله- قد يقع في حضيض الهاوية، وقد يكون مع الذين لا خلاق لهم في الدنيا أو في الآخرة، ينبغي على كل شاب أن يحدد ما يملأ به فراغه، والشاب الذي لم يحدد هدفاً معيناً في حياته فإن أيامه ولياليه تذهب عليه سدى.

ومن المشاكل التي نواجهها لدى كثير من شبابنا، أنه يصبح يفطر يمسي يأكل ينام يخرج من البيت يدخل، وتدور الليالي والأيام والسنون والأعوام وما حدد هدفاً معيناً يصل إليه ولو كان بعيداً؛ المهم أن يحدد هدفاً، ولا تحقر نفسك أمام شيء، فإن من سار على الدرب وصل غايته، على أية حال أهم الأمور أن يعيش الإنسان لهدف ولغاية، ولا شك أننا بحمد الله جل وعلا مسلمون، وما خلقنا إلا لعبادة رب العالمين، ولكن أمامنا أهداف وغايات، وبين أيدينا وسائل توصلنا إلى هذه الأهداف والغايات، فمن منا حدد غايته في حياته؟! من منا حدد أمنيته وطموحه، وسعى جاداً بوسيلة مناسبة مشروعة ليصل إلى هذه الغاية وإلى هذا الطموح.

للأسف أن البعض أو أن الكثير يعيشون بلا غاية ولذلك لا غرابة أن نجد بعض شبابنا -ولعل من ينتسبون إلى بيوت الشباب أمثالكم ليسوا من أولئك- لا دراسة ولا عمل ولا وظيفة لا برنامج لا دورات تدريبية لا نشاط، لم ينخرط في تجنيد، في عسكرية، أو في أعمال فنية أو تدريبات مهنية، إنما هو عالة وعبء على المجتمع، بالعكس هؤلاء كما تقول التقارير والأبحاث العسكرية أنهم يشكلون النصاب الأعظم بالنسبة للجرائم أياً كان نوعها، تكثر هذه الجرائم مع الذين لا نصيب لهم لا في التعليم ولا في العمل ولا في الدورات التدريبية أو التعليمية أو العسكرية وغيرها.

إذاً: فلابد من تحديد الهدف والغاية، والذي لا غاية له في حياته يا إخوان لا قيمة له، أي: أنت تعيش لتأكل، والبهيمة تعيش ونسمنها لتأكل وإذا جاء وقت الحاجة ذبحناها وأكلناها، فلا فرق بين الإنسان الذي لا هدف له ولا غاية ولا يشعر أنه مسلم، يشعر بعقيدة ويشعر بإسلام ودين يعتز به ويسعى إلى دعوة الناس إليه، فإن هذا قد يكون من رعاع، وكما يقول إبراهيم بن أدهم: حينما حدد أناساً ينبغي أن يكون الإنسان واحداً منهم، يقول:

إذا ما مات ذو علم وتقوى فقد ثلمت من الإسلام ثلمه

وموت الحاكم العدل المولى بحكم الأرض منقصة ونقمه

وموت فتى كثير الجود محل فإن بقاءه خصب ونعمه

وموت الفارس الضرغام هدم فكم شهدت له بالنصر عزمه

وموت العابد القوام ليلاً يناجي ربه في كل ظلمه

فحسبك خمسة يبكى عليهم وباقي الناس تخفيف ورحمه

وباقي الخلق همج رعاعٌ وفيه إيجادهم لله حكمه

لله جل وعلا حكمة فيما ترون من الكثير من الرعاع، ومن الناس الذين لا يدركون حياة ذات هدف يسعون إليه ليشعروا بالحياة الكريمة، ولذلك فالإنسان الذي لا هدف له تجد أنه يشعر بشيء من الخضوع والذلة في نفسه، أنت حينما تأتي إلى إنسان منضبط في الوظيفة فيقول: والله -يا أخي- أنا منضبط بعملي، يشعر بكرامة نفسه وباحترام وقته، لكن إنسان لا عمل له مستعد أن يخرج مع هذا، ويسافر مع هذا، ويذهب مع هذا، ويقبع في البيت يومين ثلاثة مع هذا ولا نتيجة له، وفي يوم من الأيام قد يموت الذي يعوله فيعيش في أكثر المشاكل.