للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب عزوف الشباب عن المحاضرات والدروس]

السؤال

فضيلة الشيخ! جزاك الله خيراً، السلام عليكم ورحمة الله، أني أحبك في الله، ما هو رأيك في السبب الرئيسي لعزوف الشباب عن المحاضرات الدينية وعما ينفعهم، ولهوههم في الملاهي المختلفة وإضاعة الوقت؟

الجواب

أولاً: أحبك الله الذي أحبيتني فيه.

ثانياً: أسباب عزوف الشباب عن بعض المحاضرات لها أسباب نفسية، ولها أسباب في الحقيقة تكون من ضعف الإنسان ومن غلبة شيطانه عليه، والذي لا يجاهد نفسه لا يصل إلى معالي الأمور، من يريد أن يصل إلى معالي الأمور يحتاج إلى جهاد:

وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام

الذي نفسه كبيرة وشامخة وعالية وعظيمة يحتاج إلى نمط معين من الحياة، يحتاج إلى أسلوب راقٍ ونظيف ومستقيم ونزيه وكما قلت: لا يعني أنه لا يخطئ، يخطئ ويستغفر، يذنب ويتوب، الناس بشر فأهم شيء أن الشباب قد لا يبذلون جهداً في مجاهدة أنفسهم، وأضرب على ذلك مثالاً: تجد البعض يتكاسل إذا سمع المؤذن أن ينهض من فراشه وأن يقوم إلى الصلاة، دعونا من المحاضرات، نتحدث في الواجبات، الكثير منا قد يسمع الأذان وقد يصلي في بيته، وقد ينام ثم إذا استيقظ صلى، في الحقيقة قد يكون شيطانه ولاشك قد غلبه واستطاع أن يصده عن ذكر الله وعن سبيل الخير، وأشغله بأمر آخر حتى ترك العبادة.

إذاً: ومن أسباب عزوف الشباب عن هذه الأمور نقصان المجاهدة، طريق الجنة كما يقول الرسول محفوف بالمكاره وطريق النار محفوف بالشهوات، يعني: خذ مثالاً واضحاً ولو كان فيه بساطة: طريق الجنة وطريق النار كرجل أطلق سيارة من أعلى جبل، سواءً كانت هذه السيارة تشتغل أو ما تشتغل، فيها بنزين أو ما فيها بنزين، هذه سيارة تنزل في الهاوية أياً كان مستواها، لكن إنسان يريد أن يرحل بدابته أو بسيارته إلى القمة من القاع أو من مستوى الأرض إلى أعلى لا يحتاج إلى جهد، يحتاج إلى قدرة ويحتاج إلى بذل ومجاهدة حتى يصل إلى ذلك، فطريق النار حفت بالشهوات وما تشتهيه الأنفس، وطريق الجنة حفت بالمكاره، والقليل من الناس الذي يصبر على المكاره ويحتسب ما عند الله.

الأمر الثاني: لعل البعض منكم ليس عنده ميول فكرية وثقافية، مشكلة جميع شبابنا في الغالب أننا لا نحب القراءة، النادر الذي يحب القراءة، ولقد تعجب حينما تكون في دولة أوروبية وتجد الطفل أو المرأة أو الإنسان يمشي في الشارع أو في أي مكان عند تذاكر في القطار ومعه الكتاب يقرأ، وفي الحقيقة لا يقرأ عبادة، لكن يعرف أن هذا وقته لابد يعطيه الشيء، وإن كان في كثير منها أمور خسيسة ودنيئة ورذيلة، لكن تعجب من كيفية استفادتهم في الوقت، يعني: هو يكرم نفسه في أن يخرج بنظرات عابثة وضائعة، بدل من أن أنظر في الغادي والرائح آخذ كتاباً وأقرأ.

كثير من الشباب ما عندهم محبة للعلم والمعرفة، والكثير من المحاضرات لو استمعنا إليها وحرصنا عليها لكان للإنسان خلفية وثروة علمية، سواء في الأحكام أو في الثقافة الإسلامية، أو في النظم الإسلامية أو في أي مجال من المجالات.

والخلاصة: أنى أرى سببين رئيسيين، ضعف مجاهدة النفوس، وتصور البعض أن هذه المحاضرات ليس فيها فائدة، والأمر الثالث: عدم الرغبة في القراءة، وهذه أمور ينبغي أن ننتبه لها.