للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحوال اللاجئين واستقبال الصليب لهم]

الصومال أيها الأحبة! شأنها في الداخل والخارج حرب همجية شعواء وصل لهيبها وحريقها إلى كل مدينة، بينما الناس يجوبون في الطرقات إذ بهم يفاجئون بقذائف الراجمات وأنواع القنابل؛ فترى الجثث تملأ الأزقة والطرقات، والموت بالمئات في مواقع التجمع والأسواق حتى امتلأت الأرصفة بالجثث، وباتت الجثث غداء وعشاءً للكلاب المسعورة، ومرتعاً للجرذان والقطط والفئران، أشلاء ممزقة، رءوس على جنبات الطريق، وأرجل على أطرافها، وأيدي لا تعرف لأي جسد تتبع.

أما اللاجئون الذين فروا من جحيم الحرب الأهلية بعد سقوط النظام اللاجئون الفارون من جحيم الحرب الأهلية ترى في وجه كل واحد منهم صفحة تقرأ في سطورها وتعبر كلماتها، تقرأ في سطورها مجسماً لكل معاني الفقر والفاقة والحرمان والجوع والبؤس، ولكل مهاجر قصة، ولكل لاجئ حكاية، ولكل أسرة ألف حكاية وحكاية، ولكن إلى أين اللجوء؟ إلى أين الفرار؟ اسألوا هذه القوافل، اسألوا البواخر الفارة، والقوافل الهاربة، إلى أين تذهبون؟ إلى أين تفرون؟ يفرون ولا يعلمون، إلى الموت البطيء، إلى الموت الزاحف، يفرون إلى الجوع، يفرون إلى الوباء، يفرون إلى المرض، يفرون ليفترشوا العراء ويلتحفوا السماء، يفرون إلى الجهل، يفرون إلى لهيب الشمس، وحر الهواجر، وزمهرير الشتاء، وصقيع البرد، هذا شأن الفارين إلى كينيا والحبشة وإريتريا وأثيوبيا وحدود اليمن الجنوبي، هذه نهاية الرحلة ومحطة الوصول.

فمن الذين يستقبلون المسافرين؟ تستقبلهم فيالق السلام، سلام التنصير لا سلام التوحيد، تستقبلهم الجمعيات الصليبية، والمنظمات التنصيرية هي التي تستقبلهم، ولكثرة الزبائن والقادمين والوافدين أصبح النصارى لا يتورعون أن يقولوا البسوا الصليب، وصلي للمسيح، واحمل الإنجيل، نعطيك غذاءً وكساءً ودواءً فإن لم تفعل فاذهب إلى محمد يعطيك لباساً وغذاءً ودواءً.

البس الصليب، احمل الإنجيل، صلي للمسيح، يسوع المخلص؛ نعطيك اللباس والدواء، فإن لم تفعل فاذهب إلى محمد حتى يعطيك لباساً وغذاءً ودواءً، إن عيسى لم ينزل في كينيا ولا إريتريا ولا أثيوبيا ولكن الذين بدلوا دينه وحرفوا ملته جاءوا يزعمون أنهم أتباع عيسى ويقولون للناس: ها نحن فأين أنتم.

أما نحن أتباع محمد الذين لم نحرف ولم نبدل.

ألهى بني تغلب عن كل مكرمة قصيدة قالها عمرو بن كلثوم

لعلنا تكاثرنا أن نكون مسلمين موحدين وكفى، لا والله، سنسأل عن أحوال إخواننا، لجأ إلى كينيا أربعمائة ألف شخص والهجرة والرحلة رحلة العذاب والأسى تستمر يومياً في الحدود الكينية بمعدل خمسمائة شخص إلى ملديريا وعين واق وباليسا وإيفوا وليبوي، أما في أثيوبيا ففي سوفتوا وحدها يموت يومياً خمسة وعشرين طفلاً، وكذلك في تولوا ليس الوضع بأحسن حالاً من سوفتوا، ولا تسل عن أحوال الذين هم على أطراف هذه البقعة وتلك البلاد! أيها الأحبة في الله! واقع الصومال أسوأ من البوسنة والهرسك، ولا يعني ذلك أن نرد شبابنا وأموالنا وجمعيات الإغاثة التي ذهبت من قبل بلادنا والمخلصين من أبنائنا وعلمائنا وطلبة العلم، لا.

وإنما نريد مثل هذا في الصومال، نريد أن نضاعف البذل وأن نزيد العطاء حتى يعبد الله وحده، ويهزم الصليب، ويشفى المرضى، ويكسى العراة، ويشرب الظمأى، ويشبع الجياع.

أيها الأحبة في الله! يقول مدير وكالة غوث اللاجئين الدولية -نصراني من النصارى-: لقد عايشت عدداً من الأزمات والكوارث والحروب وما رأيت أزمة كهذه، يعني: مصيبة المسلمين في الصومال.