للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصص تجليِّ لنا خطورة الوضع

أيها الأحبة في الله! أما القادمون الفارون من الجحيم فتسألهم عن البقية الباقية من أحوال المسلمين هناك فيقول: رأيت جثث الحمير والبشر والآدمين تملأ الأزقة والطرقات، كل فر تلقاء وجهه، إلى أقرب حدود الدولة المجاورة، ولم يبق هناك إلا مشلول لا قدم له تنقله، أو أرملة لا زوج لها، أو عجوز وشيخ لا ولد لهما، أو يتيم لا كافل له.

تفرق الناس وتشتت الأسر فالأم لا تعرف أين مصير أولادها؟ والأب لا يدري عن بناته، والزوج لا يعلم شيئاً عن زوجته، وخذوا صوراً لكي تعيشوا شيئاً يسيراً من المعانة والمأساة: في مقديشو ناقلة تحمل الناس لكي تفر بهم من جحيم الحرب الأهلية وقذائف المدافع العشوائية، فجاءت امرأة معها طفلها تريد اللحاق بهذه القافلة والفرار معها إلى رحلة مجهولة، المهم: أن تفر من هذا المكان، والقافلة تسرع لو وقفت لحوصرت من بعض العصابات واللصوص، فقدمت الأم طفلها فتنالوا طفلها ثم أسرعت القافلة ولم تستطع الأم أن تركب معهم فعاشت وبقيت لتعيش حسرتين: فراق الوليد وجحيم المدينة، هذه صورة لعدد لا يحصى من النساء.

ويا ترى! هل يلتقي الطفل بأمه في مقبرة من المقابر، أم في الآخرة، أم في مخيم من المخيمات؟ وهذه امرأة حبلى قتل زوجها في العاصمة وفرت بجنينها الذي تحمله في أحشائها ومعها أطفالها الثلاثة، ولما وصلت منطقة كسمايوا وضعت جنينها لتحمل أطفالاً أربعة، ودارت رحى الحرب في المنطقة، فهربت الأم ثم فروا إلى كينيا ونزلت الأم مع اللاجئين في العراء حيث الموت بكل صوره ينتظرها وينتظر أطفالها، فمات الأطفال أولهم الجنين حديث الولادة، ثم مات الذي يليه واحداً تلو الآخر، ثم أصيبت الأم بالجنون وأخذت تدور بين الناس وتقول: كان لي أربعة أطفال، كان لي أربعة أطفال كلهم ماتوا هل صحيح أنهم ماتوا؟ تدور الأم مجنونة تقول: كان لي أربعة أطفال كلهم ماتوا، هل صحيح أنهم ماتوا.

ولا تسأل عن انتهاك الأعراض في براوا حيث فرت الفتيات والنساء إلى المسجد وجاء قطاع الطرق واللصوص وناشدوهم ألا يصلوا إلى الأعراض، خذوا الملابس، خذوا المال، خذوا ما تريدون، دعوا الأعراض، فاقتحموا المسجد وفعلت الفاحشة في النساء.

أما قصة حافلة مليئة بالفتيات لما شقت طريقها نزل الظلمة والطغاة الغاشمون بثلاثين فتاة، نزلوا بهن من الأتوبيس وفعلوا بهن الفاحشة على الأرض في العراء، ثم صبوا البنزين عليهن وأحرقوهن وذهبوا، ونجت واحدة بحروقها وآثار النار فيها لتروي مرارة المأساة، وقصة الفاجعة.

فتاة في أحد المخيمات في الحدود الكينية يجرها جندي كيني، فقام له رجل وقال: ماذا تريد منها؟ فقال بكل بجاحة: دعك ولا علاقة لك بها، فسأل الشاب هذه الفتاة التي لم تجاوز ستة عشرة ربيعاً من عمرها قالت: لقد طلبت منه خمسين شلن كيني -أي: ما يعادل خمسة ريالات- لأشتري حليباً لأخي الصغير فلم يقبل إلا بعد أن أوافقه على فعل الفاحشة هذا المساء، وقال: إما أن ترد الخمسين شلن أو تسلم لي نفسها كما وعدت! من ينتصر للأعراض؟! من ينتصر للنساء؟! من ينتصر للضعفاء؟! وتاجر في شاس مايوا يقول: كنت أملك اثنين ألف مليون -يعني: مليارين شلن صومالي- الآن يقول: لا أملك إلا نفسي، وهذا الطفل الصغير، ولا أعلم شيئاً عن أفراد أسرتي.

حدث ولا حرج عن هذه المأساة! أما الذين يفرون باتجاه السواحل والبحار فأولئك يتزاحمون على السفينة وربما آثرت الأم ولدها فرمته في السفينة، تجعله في السفينة وتبقى على أرض المأساة، لأن حمولة السفينة لا تحمل الأطفال والأمهات، فلا بد من الخيار المر، أو تقدم الأم نفسها وجنينها، فإذا ركبوا جميعاً غرقوا، أو أن تبقى الأم تعاني المأساة ويرحل الأطفال رحلة مجهولة، ومنذ مدة أعلنت بعض وكالات الأنباء عن سفينة غرقت وفيها خمسمائة نفس من الصوماليين، تزاحموا على قارب فلما أبحر قليلاً غرق القارب ومن فيه.

أيها الأحبة في الله! بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.