للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر الهوى في إطراء الجماعات الإسلامية]

فأول ذلك خذ على سبيل المثال: ماذا يقول أهل الهوى عن الجماعات الإسلامية المباركة الصالحة الموفقة التي عندها خير كثير؟ فلا نلغي جهودها ولا ندعي لها العصمة والصواب في كل أفعالها، ماذا يقول أهل الهوى عن الجماعات الإسلامية في الخارج؟ لو استطاعوا أن يحكموا بلدانهم ليحولوا أوضاعها إلى ما نحن فيه وعليه اليوم في هذه البلاد، ماذا سيقول أهل الأهواء عن إنجاز الجماعات الإسلامية هذه؟ يوشكوا أن يقولوا: إنها خلافة راشدة عادت من جديد، ولن يقبلوا من أحد صرفاً ولا عدلاً إلا بالقول بشرعية نظامهم وكيانهم هذا، لكن أهل الأهواء لا يرون هذا الإنجاز في هذه البلاد خيراً كثيراً ينبغي المحافظة عليه، وحكماً شرعياً ينبغي الطاعة له في طاعة الله ورسوله، بل ترى أهل الأهواء تارة يكرهون الحديث عن هذه القضية وتارة يعدونه نظاماً لا ينتسب إلى الإسلام، وبعضهم يكفر ولاته مع أنه يعده خلافة لو كان الذي يحكمه واحد أو آحاد ممن ينتمي إليهم.

بعبارة أخرى: لو استطاعت بعض الجماعات الإسلامية في بعض الدول المجاورة أن تصل إلى الحكم -وأسأل الله أن يمكن لهم في بلدانهم- فقلبوا وغيروا أوضاع بلدانهم مما هي عليه إلى ما نحن عليه اليوم فهل ترون ذلك أمراً يسيراً؟ وهل تظنون أنهم سيعدون هذا الإنجاز قليلاً؟ لا والله، لقد طبل وزمر وصفق وعظم وضخم إنجاز هو أقل من هذا بكثير ولا ينسب إلى هذا إطلاقاً، وقال بعض أهل الهوى: تجب الهجرة إلى تلك البلاد على رغم مما فيها من الخلل والنقائص الخطيرة والكبيرة في مسائل العقيدة، فأولئك إذا أنجزوا خيراً قريباً مما نحن فيه قالوا: هذا انتصار وفتح، وبعضهم يقول: خلافة، وبعضهم يقول: تجب الهجرة، أما الخير الذي نحن فيه فيرون أننا في مداهنة، وأننا في ولاء للكفار، وأننا في ضلال، وأننا أبعد ما نكون عن الإسلام، وهذه القضية أيها الأحبة دلائل الهوى فيها أن بعض الذين يسمعونها لا يطيقون الحديث أو لا يطيقون تمام الحديث عنها.

بعض الذين يستمعون إلى هذه القضايا أو يناقشون فيها لا يستطيعون استمرار الحديث فيها إطلاقاً، والسبب أنك تحجه بالدليل، وتحجه بالواقع، وتحجه بالمنطق، فلا يستطيع أن يرفض الأدلة، وليس عنده من الاستجابة ما يذعن لها فلا يبقى إلا الهوى الذي يصرفه عن الاستجابة لها، وإن شئتم مثالاً فسأعطيكم مثالاً آخر.