للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب من أبواب الحسنات]

لا إله إلا الله هي أفضل الحسنات، قال أبو ذر رضي الله عنه: (يا رسول الله! علمني عملاً يقربني من الجنة ويباعدني من النار؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها، قال: قلت: يا رسول الله! أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ فقال: هي أفضل الحسنات) تخيل كم يكتب لك من الحسنات حينما تجلس في مجلس نصف ساعة أو ساعة وتجعل لسانك مشغولاً بلا إله إلا الله؟ بعض الناس ممن فتح الله عليه باب الذكر تجده في المجلس كأنه لا يذكر الله، لكن إذا دققت وجدته ربما قد وضع يده على فمه، وتحت يده شفة تنبس ولسان يلهج: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، والناس لا يسمعونه في المجلس، لكن هو يجمع ثروة، يخزن الكنوز، ويضاعف التجارة، ويربح أرباحاً مضاعفة في الجلسة الواحدة، ربما ذكر الله مائة مرة، فتكتب له مائة حسنة، وكل حسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:٢٦١].

لذا فإن أعجز الناس العاجز عن الذكر، وأخسر الناس العاجز عن الذكر، يا سبحان الله! الواحد منا إذا استلم فاتورة الجوال سبعمائة ريال أو ستمائة ريال أو ألف ريال، وبعضهم تبلغ ألفين ثلاثة آلاف، من أين كل هذا الكلام؟ من أين جاءتنا هذه الفواتير؟ من لسانك الذي يثرثر ويتكلم ويلغو، وربما تكلم فيما لا يليق ولا ينفع، ليس عيباً أن تستخدم الهاتف، ولكن انظر كم أحصى عليك الهاتف من المكالمات عبر الدراهم والريالات، فهلا أعنت نفسك على أن تلهج وتحرك لسانك بذكر الله كما يتحرك لسانك بالهاتف الجوال، أو في الحديث مع فلان وعلان.

اعلم أخي أن الخاسر من غفل عنها، والرابح من عود نفسه، ولا تقل: أنا مدخن، كيف أقول لا إله إلا الله؟ قلها ولو كان الباكت في جيبك، اشغل نفسك بلا إله إلا الله ولو كان الباكت في جيبك؛ لأنها بإذن الله ستطهر قلبك من الاستمرار في التدخين، قلها ولو كنت حليقاً، قلها ولو كنت مسبلاً، قلها ولو كنت سماعاً للأغاني، قلها ولو كنت فاعلاً معصية من المعاصي؛ لأنها حسنات، والحسنات معينة على ترك السيئات بإذن الله عز وجل، والله سبحانه يقول: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:١١٤].

إذا أدمنت عليها، وذكرت الله بها، وقلت في قلبك: أني أذكر الله رجاء أن يهديني لترك هذه المعصية، ولفعل هذه الطاعة، والبعد عن هذه المخالفة، أعانك الله ونفعك بها نفعاً عظيماً.