للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القبول لما تقتضيه]

ومن شروطها: القبول لما اقتضته هذه الكلمة.

يقولون: لا إله إلا الله، فإذا قيل لهم: إنها تقتضي ترك الربا، قالوا: لا أين نستثمر الأموال؟ يقولون: لا إله إلا الله، فإذا قيل لهم تقتضي ترك الزنا، قالوا: وكيف نحرم أنفسنا لذة النساء؟ يقولون: لا إله إلا الله، فإذا قيل: إنها تقتضي ترك الخمور والمسكرات، قالوا: وكيف نترك لذة الشراب؟ يقولون: لا إله إلا الله، فإذا قيل: إنها تقتضي الصدق والأمانة والصلة والبر والخير، قالوا: لا.

هذه أمور تفسد مصالحنا.

لا إله إلا الله مفتاح للجنة، أسنانه الشروط: العلم، واليقين، والقبول لما تقتضيه الكلمة، وإن أقواماً يترددون بين ارتكاب المنكرات المخالفة لها، وبين فعل أمور هي مخرجة لهم من الملة والعياذ بالله.

ولذا فإن أعظم مقتضى للا إله إلا الله الصلاة، أعظم مقتضى للا إله إلا الله الانقياد والخضوع والسجود والركوع والخشوع في كل الأوقات؛ في الغدو والآصال، في دلوك الشمس وغسق الليل.

أعظم مقتضى للا إله إلا الله الصلاة، وهي البرهان الحقيقي، من كان يؤمن أن لا إله إلا الله وجدته حقاً مصلياً، أما تارك الصلاة فقد قرر أهل العلم أنه كافر، ولو قال لا إله إلا الله فهو كافر؛ لأن لا إله إلا الله لها مقتضى، ومن شروطها: أن تقبل الاقتضاء الذي تقتضيه، وتنقاد لما تقتضيه، ومن أعظم مقتضياتها الصلاة: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) وكما قال الصحابي الجليل: [ما كنا نرى عملاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة] أي: من تركها فقد كفر.

وأمر الصلاة عظيم يا عباد الله، قد ترى الرجل يلهو، وقد ترى الرجل يفعل المعصية، وقد ترى الرجل تقع منه الزلة والغفلة، لكنه يصلي ويحافظ على الصلاة فترجو له خيراً، وترجو أن يعود إلى الطاعة، وأن يتوب من الزلة، وأن يقلع عن الهفوة والغفلة، لكن إذا رأيت الرجل لا يصلي فاغسل يديك منه بالماء والصابون سبع مرات إحداهن بالتراب، لا أمل فيه إلا أن يعود إلى الصلاة، ولا خير فيه إلا أن يعود إلى الصلاة، ولا يقبل منه شيء إلا أن يعود إلى الصلاة، من شروطها: الانقياد والاستسلام: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر:٥٤].

والصدق المنافي للكذب، والصدق يقتضي التحمل، ويقتضي الصبر على الأذى والبلاء: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:٢ - ٣].