للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستقامة على الدين والصبر عليه]

يقول الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف:١٣ - ١٤]، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:٣٠] الاستقامة على طاعة الله، الثبات على الدين، المضاء، البقاء، القوة على هذا الأمر حتى يلقى العبد ربه، هذا خيرٌ عظيم.

أخي الحبيب: إن كنت في العشرين من عمرك فتخيل نفسك وأنت على استقامةٍ في الأربعين والخمسين والستين إن طالت بك الحياة، إن كنت في الثلاثين فتخيل نفسك في الأربعين والخمسين، لا تنظر إلى استقامتك:

كأنها سحابة صيفٍ عما قريبٍ تقشع

لا تنظر إلى استقامتك وكأنها شيءٌ لا يصلح للاستعمال إلا مرةً واحدة، لا تنظر إلى استقامتك وكأنها قضية عاطفية آنية تزول بزوال مسببها من حدثٍ أو موقف، إنما انظر إلى استقامتك وكأنها نفسك، وكأنها الشهيق والزفير الذي تتنفسه، فصلاة الفجر، والصبر عن المعاصي، والثبات على الحق، والإعراض عن الشهوات، ومجاهدة النفس، ليس لمدة سنة أو سنتين إن طال العمر أو قصر خمسين سنة، ستين سنة، سبعين سنة، يقول أحد السلف ولعله لما بلغته الوفاة، وبكى أحد أولاده، أو بكى أحدٌ ممن حوله، قال: [إني لأرجو رحمة ربي، والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام أربعين عاماً] استقامة متابعة جادة صبر وجلد على الطاعة أربعين سنة، قال: [ولي عشرون عاماً ما أذن المؤذن إلا وأنا في المسجد] الله أكبر! من يستطيع هذا؟! نختبر أنفسنا وإياكم إن شئتم من هذه الليلة والذي يسجل الرقم القياسي يبشرنا فندعوا له، ونسأل الله للجميع الثبات.

صحح الألباني وفقه الله حديثاً في كتاب الترغيب والترهيب فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك تكبيرة الإحرام خلف الإمام أربعين يوماً كتب له براءتان: براءة من النفاق، وبراءة من النار) الاستقامة على الطاعة، الصبر على الالتزام أياً تقلبت الأحوال وتغيرت الظروف، فهذا هو المطلوب أيها الأحبة! وحينئذٍ يكون الواحد بإذن الله وبرحمة الله، وبمنه وكرمه من أهل الجنة، والعمل الصالح: (لا تحقرن من المعروف شيئاً) ابتسامة، سلامٌ، كلمة طيبة، أمرٌ بمعروف، نهيٌ عن منكر، بر والدين، صلة رحم، إماطة أذى، إغاثة ملهوف، نصيحة مسلم، زيارة أخ في الله، اتباع جنازة، الصلاة على جنازة، زيارة مريض، لا تدع خيراً من الأعمال إلا واجتهدت فيه لعلك برحمة الله أن تكون من أهل الجنة بسبب هذا العمل، قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ} [البقرة:٢٥].