للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ابن مسعود وتذكره نار الآخرة]

وكان ابن مسعود رضي الله عنه يربط ما يرى في الدنيا بأحوال الآخرة، مر ذات يوم على أقوام ينفخون في الكير، فأخذ ينظر إلى النار والحديد فبصر بحديدة قد أحميت؛ فجعل ينظر إليها وهو يبكي، وهذا مما يؤيد قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [إن أصحاب محمد في جباههم أمثال ركب المعزة من السجود، ويراوحون بين أقدامهم من طول قيام الليل، فإذا ذكرت النار ماجوا واضطربوا كأنما خلقوا لها ولم تخلق لغيرهم] مع أن فيهم من بشره الله بالجنة، ومن بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة.

ونحن أدرى بعيوبنا وذنوبنا، وزلاتنا وأخطائنا وسيئاتنا، ونعلم أن السيئة سيئة لا محالة، ونعلم أن الحسنة لا ندري هل أخلصناها لله، وهل عملناها على مقتضى سنة رسول الله، وهل قبلت منا أم لا، فترى الواحد يفاخر ويكابر وإذ قيل له: جزاك الله عن الإسلام والمسلمين خيراً، انتفخ صدره ورأسه، وكأنما زوال الملة بزواله وبقاء الدين ببقائه، وما علم أن الله غني عنه وعن ملايين من أمثاله.