للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[واقعنا العسكري وماضينا العسكري]

كذلك أيها الأحبة! واقعنا العسكري بين الأمس واليوم: كنت أسمع محاضرة لمن يسمي نفسه دكتوراً، عن واقع إسرائيل مع دول المواجهة، يقول: إننا لم نبلغ الحد الذي نستطيع أن نقابل إسرائيل حتى الآن، فمن واجبنا، معنى كلامه: أن نجتهد في أنفسنا وأن نفعل وأن نقدم وأن نؤخر، المهم أنه يتحاشى الدخول مع اليهود في معركة، من خلال فكره وكلامه، لماذا؟ لأننا لا نملك ما تملكه إسرائيل، وإن إسرائيل تملك جيشاً احتياطياً مجنداً عدده مليون، هذا احتياطي كل يعرف ثنكنته وقائدة ورئيسه ومهمته عند صفارة الإنذار وناقوس الخطر، ويقول: إن إسرائيل تملك قنابل تقارب المائة قنبلة نووية، وإن إسرائيل، وإن إسرائيل، وإن دول المواجهة لو دخلت مع دول إسرائيل في حرب فستكون خاسرة لا محالة، هذا بمنطق من؟ هذا بمنطق المقاييس المادية البحتة، رصاصتان أكثر من رصاصة، دبابة أكبر من رشاش، صاروخ أقوى من راجمة، لكن كان المنطلق العسكري والنظرية العسكرية في الأمس: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:٢٤٩] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ} [الأنفال:٤٥] النظرية العسكرية القرآنية فيما مضى كانت لا تجيز لمسلم أن يفر أمام عشرة: {وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً} [الأنفال:٦٥]، وبعد التخفيف لا يجوز لمسلم أن يفر من اثنين وإلا يعتبر مرتكباً لكبيرة الفرار من الزحف، هذا مستوى النظرية العسكرية في الماضي، أما واقعنا اليوم فيشهد أن النظرية العسكرية عند الذين لم يعرفوا النظرية القرآنية الحقة، ولم يتعاملوا مع كتاب الله معاملة مباشرة، يقولون: ماذا نفعل؟ الله جل وعلا قال: انصروا، أو قال: عليك الفوز؟ قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ} [الحج:٤٠] ما من آية ربطت النصر بالبشر، النصر كله بالله جل وعلا، انظروا الآيات التي تتحدث عن النصر والفوز والغلبة، كلها جاءت لتقرر أن النصر والفوز والغلبة بيد الله، إذاً ما الذي بأيدينا؟ الذي علينا العمل: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة:١٠٥] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال:٤٥] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران:٢٠٠] {وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة:٢١٨].

الآيات تأمرنا بالعمل ولم تأمرنا بالنصر، لماذا؟ لأن النصر من عند الله.