للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وليد السيف واحتسابه حادثة الحريق لله]

أحد الإخوان يقول: لو ذكرت لهم قصة وليد السيف.

الجواب

هو أحد الشباب المجاهدين صار له حادث حريق، وزوجته حافظة للقرآن مجودة مدرسة، في تلك الليلة في تمام العاشرة والنصف تقريباً كانت تتدارس معه قول الله كما يخبر وليد {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت:٣٠ - ٣٢] كانت تتناقش معه وتشرح له هذه الآيات، وناموا على بركة الله، ووسط الليل الواحدة والنصف شب حريق في البيت، فبداية اختناق فتح الباب فإذا بالصالة محترقة، فأخذ ابنته، وزوجته أخذت ابنته الثانية عمرها أربع سنوات، حملها ومر على الحريق، والحريق مشتعل في الموكيت -والرجل في مستشفى الحمادي زرته غرفة ألف ومائة وستة وثلاثين الدور الأول- يريد أن يفتح باب الصالة فعجز، فعاد ودخل المطبخ هو ابنته، زوجته خرجت وحملت الطفلة الصغيرة فعثرت في الحريق، فسقطت ولما أوشكت على ملامسة الأرض ظنت أن باب الصالة مفتوح فقذفت البنت على الباب فارتطمت الطفلة بالباب وعادت الطفلة في الحريق، فالتهمها الحريق، وأما هي فلما انتهت المطافي من العملية إذ بها لم يحترق فيها قطعة واحدة، حفظت القرآن فحفظها الله من النار، بل وجدوا تحتها بقعة من الماء، كيف يجتمع العنصر المائي والعنصر الناري، والرجل التهم الحريق أطراف قدمه ومكث في المستشفى مدة.

والحوار الذي دار بيني وبينه طويل، تجدونه في شريط قصص وعبر في محاضرة ألقيتها أمس، لما قابلته قال: يا أخ سعد أنا بنعمة لست بكفء لها، لأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وهو يتبسم، من يصبر يا إخوان ويكون يقينه بالله ورضاه بقدر الله إلى هذا المستوى، لكن علمه الجهاد الصبر، علمه الجهاد أن يحمل إخوانه من الشهداء ومن الجرحى ومن الأشلاء ويحتسبهم عند الله، فاحتسب زوجته وطفلته عند الله، ويقول: إذا عادت حالتي الصحية سأعود إلى الجهاد مرة أخرى، فلما أخبرني أمس أحد الإخوان، اتصلت لكي أطمئن على الأخ وليد، هاتفياً قال: يريد أن يذهب إلى أفغانستان بعدما تحسن حاله، قلت: هذا والله أراد الله به خيراً، وأغلب الظن أن يكرمه الله بالشهادة في سبيل الله.

هكذا تكون الزوجة المؤمنة الصالحة، ويكون المجاهد الصابر المؤمن، يكون الشاب المسلم الذي له أثر في الحياة، كم عدد الذين يعيشون في الدنيا، لكن الذين يعدون خمسة، إما داعية، وإما مجاهد، وإما رجل كريم بالدعوة إلى الله، سخي في البذل إلى الله، أو حاكم عادل، أو عالم تقي، هؤلاء هم الذين يبقون، وأكرر أبيات ابن أدهم الجميلة التي لا أمل تردادها:

إذا ما مات ذو علم وتقوى فقد ثلمت من الإسلام ثلمه

وموت الحاكم العدل المولى بحكم الأرض منقصة ونقمه

وموت فتىً كثير الجود محل فإن بقاءه خصب ونعمه

وموت العابد القوام ليلاً يناجي ربه في كل ظلمه

وموت الفارس الضرغام هدم فكم شهدت له بالنصر عزمه

فحسبك خمسة يبكى عليهم وباقي الناس تخفيف ورحمه

وباقي الخلق همج رعاع وفي إيجادهم لله حكمه

إخواني: هل أنتم من الرعاع أم من الخمسة الذين يبكون إذا فقدوا؟! والله تستطيعون أن تصنعوا من أنفسكم تاريخاً وسجلاً مجيداً، يوم أن تتمسكوا بهذا الدين, تلتزموا به، تفهموه حق الفهم، وإذا فهمتموه عرفتم أن الدين ليس مجموعة معقدين ولحى، وثياب مقصرة، وثياب متلفقة، الدين أكبر وأعظم من ذلك، افهموا دينكم جيداً تعيشوا قادة سادة، علماء أتقياء، كرماء سعداء في أي لحظة وفي أي حال.