للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عواقب انعدام التوازن في منهج الحكم على الآخرين]

معاشر إخواننا، معاشر أحبابنا، معاشر الشبيبة المسلمة إن مغبة انعدام التوازن في المنهج الذي به ننظر ونحكم على الأفراد والهيئات والذوات يفضي إلى خطر كبير وشر مستطير، ولقد رأيت من صور هذا الخطر في ظل غيبة التوازن في المنهج أن تنطلق ألسنة الصغار في الكبار، والجهال في العلماء، والعوام في الحكام، الأمر الذي يفضي إلى سقوط هيبة قادات الأمة، ممثلةً في حكامها وعلمائها، ولو دام ذلك واستمر فلا شك في سوء عاقبته، وما يفضي إليه من ضياع مصالح العباد والبلاد في أموالهم وأعراضهم وأمنهم ومصالحهم وهذا يفهمه ويعقله أولو النهى وأرباب الحجى

يكفي اللبيب إشارة مرموزة وسواه يدعى بالنداء العالي

فيا أحبابنا إن بلادنا بلاد عقيدة وفكرة، وهي وليدة منهج ودعوة، تلكم دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وتبناها وعاضده فيها المؤسس الأول محمد بن سعود رحمه الله، فإذا كانت تلك الدعوة السلفية قد أنتجت دولة وجمعت شمل أمة؛ أفترون تلك الدعوة السلفية عقيمة لا تلد منهج إصلاح للدعوة أو توجيه للأمة؟ أم ترون أننا بحاجة إلى استيراد مناهج الدعوة يميناً ويساراً من البلاد المجاورة؟ ألا لست بهذا وفي هذا المقام أنتقد مناهج الدعوة في البلاد الأخرى، ومع ذلك لا أدعي لها الكمال والعصمة، بل لها وعليها، وفينا ما لنا وما علينا، وفينا على اختلاف مستوياتنا أخطاء وإصابات وسيئات وحسنات، ولكن لا يستطيع أحد أن يلزمنا بالدعوة على طريقة تلك المناهج الدعوية الموجودة في البلاد المجاورة وهذه المسألة مهمة جداً.

وإني والله أقول هذا الكلام، وأدين الله جل وعلا به، وما قلته تملقاً ولا تقرباً لأحد، لكني تأملت سيرة ذلك الإمام الجهبذ العلامة، الذي اجتمعت عليه قلوب الأمة شرقاً ومغرباً، وما علمت مبغضاً له إلا هو أقرب إلى الشر من الخير سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، رأيت رجلاً لم تستطع جماعة أن تحتويه، ولم يستطع منهج أن يجعله تحت ظله، ومع ذلك لم تستغن جماعة من الجماعات عن علمه ورأيه وفتواه وفكره، وطول خبرته وبصير علمه.

فيا معاشر المؤمنين إذا أدركنا ذلك وجدنا أننا بحاجة إلى التوازن، وبحاجة إلى الهدوء، وقد يفهم البعض أن الكلام عن الحكمة والتوازن أن نطأطئ الرءوس عن المنكرات، وأن نسكت عن الخطيئات لا والله، ليس هذا من الحكمة وليس هذا من التوازن، إن التوازن: أن ترى الخير فتذكره وتشكره، وأن ترى الشر فتنكره، ولكن بالأسلوب الذي لا يفضي إلى منكر أكبر أو يفوت معروفاً موجوداً.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.