للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حادثة الحرة في عهد يزيد بن معاوية]

جاء في صحيح مسلم: أن عبد الله بن عمر جاء إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان، زمن يزيد بن معاوية، يزيد بن معاوية لما تولى كان والياً فاسقاً، كان يشرب الخمر ويترك الصلاة، ويفعل محرمات عظيمة وكبيرة، حتى أنكر عليه علماء وأنكر عليه أئمة كبار هذه الأفعال، وكان من بين من أنكر عليه عبد الله بن مطيع.

لما كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد جاء عبد الله بن عمر زائراً لـ عبد الله بن مطيع، فقال عبد الله بن مطيع: اطرحوا لـ أبي عبد الرحمن وسادة.

فقال ابن عمر رضي الله عنه: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من خلع يداً من طاعة؛ لقي الله لا حجة له، ومن مات ليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية).

عبد الله بن مطيع بن حارثة أحد كبار التابعين، وقيل له صحبة، نزع بيعة يزيد بن معاوية من عنقه لما كان من يزيد من المعاصي والكبائر، وكان عبد الله بن مطيع وعبد الله بن حنظلة هما المتزعمان لفكرة الانقلاب أو الخروج على يزيد بن معاوية في المدينة، وكان سبب الخروج عليه كما قلت: إسرافه في المعاصي، بل قال عبد الله بن حنظلة: والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء، إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة.

فلما كان منهم الخروج جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع، وأخبره بهذا الحديث؛ ليكون رادعاً له عن الاستمرار في معصية الخروج، فلم يستجب عبد الله بن مطيع، وظن أن ما هو عليه سوف يزيل المنكرات، حتى أرسل يزيد بن معاوية سنة ٦٣ للهجرة جيشاً لحرب عبد الله بن مطيع بقيادة مسلم بن عقبة المري، ويسميه أهل السنة مسرف بن عقبة فكانت وقعة الحرة المشهورة التي جرت فيها الدماء كأنها في يوم عيد الأضحى، وهرب عبد الله بن مطيع فكانت النتيجة أن قتل العشرات من القراء والحفظة والتابعين والعلماء بسبب هذه الفتنة وهي الخروج على هذا الحاكم الغاشم الظالم يزيد بن معاوية.

ولذا كان من مواقف عبد الله بن عمر في هذه الفتنة -فتنة الحرة- كما جاء في الصحيحين وغيرها عن نافع أنه قال: لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع عبد الله بن عمر أولاده وأهله ثم تشهد وقال: أما بعد فإنا بايعنا هذا الرجل -يقول: نحن بايعنا يزيد - بايعناه على بيعة الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، يقال: هذا غدرة فلان وإن من أعظم الغدر -إلا أن يكون الإشراك بالله- أن يبايع الرجل رجلاً على بيعة الله ورسوله ثم ينكث بيعته، فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر فيكون الفيصل بيني وبينه).