للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أدب التعامل مع المخالف وحاجة الجميع للإصلاح]

ثم احرص أخي الحبيب على أن تصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، كن سبباً لإصلاح ذات البين في إخوانك واحذر أن تكون معول تفريق وهدم، إن بعض الشباب على ما فيه من الصلاح ينشر الفرقة وهو لا يدري، ولم يؤمر إذا رأى المختلفين أن يتفرج عليهم كتفرج الذين يشاهدون حلبة المصارعة يشجع هذا على هذا أو هذا على هذا، لا، بل هو مأمور إذا رأى الخلاف بين إخوانه بما قاله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:١١٤]، إياك أن تفر من عصبية إلى عصبية، وأن تمقت تحيزاً فتتحيز في الظلم، واجعل هدفك أن تكون منتصراً للحق داعية إليه في كل حال وفي كل أوان، واحذر أن تجعل الخلاف بينك وبين إخوانك خلافًا شخصياً، فبعض الناس إذا اختلف معه أخٌ صالحٌ مثله في مسألة فرعية انقلب الخلاف من خلاف اجتهادي إلى خلاف شخصي يبيح الغيبة ويبيح العرض، ويسقط الواجب، ويدعو إلى المقت والحسد، ويملأ القلوب بالبغضاء والشحناء والعداوة، بل اجتهد في طلب الحق، فإن قدم لك بدليله فانسلخ مما أنت عليه، ولأن تكون ذنباً في الحق خير أن تكون إماماً في الباطل.

أحبتي في الله! واقع شبابنا من الطرفين بحاجة إلى الإصلاح، ولا نزكي أنفسنا، فالصالحون بحاجة إلى تزكية أنفسهم، ونحن أول المدعوين إلى ذلك، والظالمون لأنفسهم بحاجة إلى أن يقلعوا عن الضلالة وظلم أنفسهم ويعودوا إلى الله عوداً حميداً، فإن كان واقعنا يشهد بتقصيرنا وتفريطنا إلا أننا لا نقول: إن الوقع صفحة سوداء غمامة قاتمة، ضباب كثيف، لا سبيل للسير فيه، لا، بل في الواقع خيرٌ وفي الواقع شر، والخير كثير، وحقيق أن يزاد وأن يحافظ عليه، والشر كثير وحقيق أن يجاهد وأن يكافح وأن نتواصى في إنكاره وإبعاده عن مجتمعنا، وأما الأمل فأن نكون على ما أراده الله عز وجل جميعاً كلنا سواء من كان مقتصداً أو سابقاً للخيرات أو ظالماً لنفسه بالآمال، أن نحول النقص إلى كمال والضعف إلى قوة والجهل إلى علم والفرقة إلى اتفاق والتفرق والإحن إلى سلامة الصدور والمحبة والأمل، أن نقضي واثقين بنصر الله {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ} [الأنبياء:١٠٥].

أسأل الله بمنه وكرمه، أن يعز الإسلام والمسلمين، اللهم يا حي يا قيوم يا ودود! يا ذا العرش المجيد! يا فعال لما تريد! اللهم هازم الأحزاب! منشئ السحاب! منزل الكتاب! خالق الخلق من تراب! نسألك اللهم أن تمنحنا الأمن في دورنا وأوطاننا، وأن تصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأن تجمع شملنا وحكامنا وعلماءنا ودعاتنا، وألا تفرح علينا عدواً ولا تشمت بنا حاسداً، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في فلسطين والشيشان، اللهم آمن روعاتهم واستر عوراتهم واحفظ ذرياتهم اللهم انصرهم نصراً مؤزرا، اللهم اجعل ما استولى عليه الروس من أرض إخواننا جمرة ملتهبة في قلوبهم حتى يلفظوها، اللهم يا حي يا قيوم اجعل سلاح الروس في صدورهم، وكيدهم في نحورهم، وتدبيرهم تدميراً لهم، اللهم لا تجعلهم يفرحون بمترٍ دخلوه في أرض المسلمين، اللهم اقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا، اللهم إنهم ينكرون وجودك، ويدعون لك الصاحبة والولد، اللهم فأرنا فيهم عجائب قدرتك، وأنزل بهم بأسك وبطشك وعذابك ورجزك وأليم عذابك، إله الحق آمين، اللهم انصر إخواننا وثبت رميهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم احفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وشمائلهم، ومن فوقهم ونعوذ بعظمتك اللهم أن يغتالوا من تحتهم، اللهم اجمع على الحق كلمتهم، وأقم على التوحيد دولتهم، اللهم اجعل من مات منهم شهيداً في الجنة واحفظ اللهم الأحياء منهم وأقر أعينهم بنصر عاجل يا رب العالمين، اللهم صلَّ على محمد وصحبه وآله، وجزاكم الله خيراً.