للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السمع والطاعة وإن منعوا الحقوق]

ومن الأحاديث الدالة على وجوب طاعة الإمام ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك) وقوله "في منشطك" يعني حالة نشاطك، وقوله "في مكرهك" أي حالة ما تكرهه من الأمور، ومعنى الأثرة الواردة في الحديث: أي الاختصاص بأمور الدنيا، أي: حتى لو أن الحكام استأثروا بالأموال واستأثروا بالدنيا واختصوا بها عن سائر الناس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اسمعوا وأطيعوا ولو رأيتم أثرة في هذا الأمر، والمعنى: اسمعوا وأطيعوا ولو اختص ولاة الأمور بالدنيا، ولو لم يصلكم حقكم مما عندهم فهذا هو معنى الحديث.

ومما أخرجه مسلم في صحيحه وبوب عليه النووي فقال: باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق، عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سلمة: (يا نبي الله! أرأيت إن قام علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا، فماذا تأمرنا؟ فأعرض عنه صلى الله عليه وسلم، فسأل سلمة ثانية، فأعرض عنه، فلما كانت الثالثة جذبه الأشعث بن قيس فالتفت صلى الله عليه وسلم وقال: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم) وفي رواية لـ مسلم أيضاً (فجذبه الأشعث بن قيس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم) والمعنى: أن الله تعالى حمل الولاة وأوجب عليهم العدل بين الناس، فإذا لم يقيموا العدل أثموا، والله حمل الرعية السمع والطاعة للولاة، فإن قاموا بذلك أثيبوا عليه، وإن لم يقوموا بذلك أثموا.

والمعنى: أن الله عز وجل أمر الولاة بالعدل وأمر الرعية بالطاعة، فإذا خرج الولاة عن العدل؛ فليس هذا بمبرر أن تخرج الرعية عن الطاعة.