للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التربية حقيقة النجاح والنجاة]

إن من المسلمين الذين ولدوا في الغرب في أمريكا وفي أوروبا، وفي كثير من الدول الكافرة، التي يُعَدُّ العهر فيها أمراً طبيعياً، ويُعَدُّ الانحراف فيها أمراً ليس بغريب، ويُعَدُّ الفساد فيها أمراً يُستنكر على كل من بلغ سناً معينة ولم يرتكبه ولم يفعله، إن هناك بيوتاً، وأولاداً، ونشئاً، وأسراً، ورجالاً، ونساءً يرون الصورة النكراء العارية فيغض الواحد نظره وبصره عنها دون حاجة إلى واعظ يعظه، ودون حاجة إلى ولي يرشده أو يعده أو يعاقبه، ويرى أحدُهم الفساد والشر والمنكر والبلاء فيقوم في قلبه قائم المراقبة والخوف والخشية والتقوى لله عز وجل فينحرف وينصرف ويبتعد وينأى بنفسه عن المنكر، دونما حاجة إلى محتسبٍ أو رقيبٍ، أو شرطيٍّ أو حسيب، أو غير ذلك.

كيف وصل هؤلاء إلى هذه المرحلة؟ كيف بلغوا هذا النجاح؟ وأسميه نجاحاً لأنه ليس النجاح أن يكون عندك ولدٌ لا يوجد عنده الشر والمنكر والفساد؛ لكن لو خلا به أو حصل له أو تيسر له لم يتردد فوراً في اقترافه ومعاقرته وفعله، بل النجاح هو أن يكون لديك من الولد والنشء من لو أحاطت به الفتن من كل جانب وتزخرفت له المغريات، وفُرشت أمامه الفتن، وحلَّقت من فوق رأسه الشهوات، ثم غض بصره وصرف نفسه وقال: معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، هذا هو النجاح الحقيقي.

ولا شك أن من العصمة ألا يقدر العبد على معصية، من العصمة أن يعجز العبد عن معصية ربما يريدها وربما يشتهيها وربما يتمناها، ولكن فوق ذلك كله أن تكون المعصية قريبة وهو يصرف نفسه عنها ويقول: معاذ الله معاذ الله {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف:٢٣] {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [المائدة:٢٨] كيف يكون هذا؟ بشيء واحدٍ وهو الذي ثبت بالتجربة والدليل، وقبل ذلك بالنص من الكتابة والسنة جدواه ونجاحه وعاقبته وفائدته ألا وهو: التربية الصالحة.