للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النصيحة لولاة الأمور وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر]

الثاني من حقوق ولاة الأمور: النصيحة لهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة؟ قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ورسوله وكتابه وأئمة المسلمين وعامتهم) ويدخل في هذه النصيحة: تنبيه الولاة والحكام على ما يقع في البلاد من مخالفات شرعية أو كبائر ومعاصٍ تكون سبباً لحلول النقم والبأس بالعباد والبلاد، والله سبحانه وتعالى يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:١١٠] وليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقط لعامة الناس، بل حتى الحكام يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فإن من ترك ذلك؛ فقد تشبه ببني إسرائيل الذين تركوا هذا الأمر، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:٧٨ - ٧٩].

وحديث أبي سعيد رضي الله عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكراً؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) إذاً مناصحة الحكام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، أمرهم بالمعروف بالمعروف، ونهيهم عن المنكر بغير منكر؛ من الحقوق التي تجب علينا تجاههم، وما أحسن ما قاله العلامة ابن رجب رحمه الله: والنصيحة لأئمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه، وتذكيرهم به، وتنبيههم في رفق ولطف ومجانبة الوثوب عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق، وحث الأغيار على ذلك.

وأخرج الإمام أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم أبداً: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من وراءهم).

لكن هذه المناصحة وهذا الحق الذي يجب علينا تجاه ولاة أمورنا وهو نصيحتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر لابد لها من ضوابط شرعية، لما يترتب عليها من قبول أو رد يفضي إلى فتنة أو إصلاح.

إن السكوت عن مناصحة الحكام خيانة للحكام، إن السكوت عن أمر الحكام بالمعروف ونهيهم عن المنكر، إن السكوت عن بيان الأخطار التي تحل في العباد والبلاد خيانة للحكام هؤلاء الذين نحن نقول: يجب السمع والطاعة لهم.