للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بعض صور التربية]

النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الحسن، أراد أن يمد يده إلى الأكل من تمر الصدقة، ومعلوم أن آل البيت لا تصح لهم الصدقة، ولا الزكاة فهل تركه؟! لا.

بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كِخْ كِخْ! أما علمت أنَّا لا نأكل الصدقة) يعلمه ويربيه، فلا بد أن نعلم أولادنا وأبناءنا هذه التوجيهات وهذه التعليمات.

المرأة إذا رأت تصرفات سيئة من ولدٍ أو طفلٍ أو صغيرٍ لا بد أن توجهه وتعلمه الاحترام والأدب والرحمة.

روى الحافظ ابن عبد البر عن أم الحصين أنها كانت عند أم سلمة رضي الله عنها فجاء مساكين فقراء، فجعلوا يستعطون ويلحون وفيهم نساء فقالت هذه الصغيرة: [اخرجوا اخرجوا -طفلة تخرجهم من البيت، أبعدوا أبعدوا، وتحس أنها في معتصم وفي كرامة وهؤلاء فقراء ومساكين، فأخذت تتلفظ عليهم بهذه الكلمات، اخرجوا اخرجوا من بيتنا- فقالت أم سلمة رضي الله عنها: ما بهذا أمرنا يا جارية! ردي كل واحدٍ أو واحدة ولو بتمرة تضعينها في يدها] لا تطردي الفقراء، أعطي كل فقير ولو تمرة واحدة.

كأن يأتي طفل صغير أو طفلة صغيرة فيقول: أبي أمي! عند الباب مسكين فتقول أمه: أغلق الباب في وجهه واتركه، فهذه تربية على القسوة، وتربية على وأد الرحمة في القلوب، لكن إذا قال الطفل: أبي أمي! عند الباب فقير عند الباب مسكين، تقول أمه: أسأل الله أن يغنيهم عنا وعن غيرنا، اذهب يا ولدي وافتح مكان التمر، وضع في هذا الصحن قليلاً من تمر، واذهب وافتح كيس الأرز وخذ منه، وليس بلازمٍ أن تعطيه عشرة ريالات، أو خمسين ريالاً، أو مائة ريال، ما كل واحد يستطيع أن يدفع نقوداً؛ لكنك لن تعجز، فلا ترد السائل ولو بتمرة، لا ترد السائل ولو بقبضة أرز، ولو بقبضة سكر ولو ببصلة تتصدق، يدفع الله عنك البلاء، تطفئ غضب الرب، تدفع ميتة السوء، وتربي ولدك على الرحمة بمثل هذا التصرف، هكذا كان الجيل الأول والصدر الأول يتعاملون ويعلِّمون.