للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التفريق في النصيحة بين حال الأمن وحال الخوف والحرب]

وهنا أيضاً في النصيحة يجب التفريق بين حالين: بين حال الأمن والرخاء والاستتباب، وبين حال الخوف والحرب والفتن التي تقع في البلاد، فلنضرب مثلاً أن بلادنا في حالة حرب وفي حالة معركة فهل من المنطق أن نأتي ونتكلم: أصلحوا زينوا بدلوا عدلوا غيروا لا، ليس هذا وقته، وليس هذا من الحكمة أبداً، بل ننتظر حتى تنتهي الحرب وينصرنا الله على من عادانا، ويبتعد العدو عن بلادنا، ويبتعدون عن حدود أرضنا، فإذا استقرت أوضاعنا؛ عدنا إلى حكامنا وقلنا: اتقوا الله، غيروا وبدلوا وعدلوا وأصلحوا، أما في هذه اللحظة الخطيرة، في لحظة الدبابات على حدودنا والطائرات تقصف والصواريخ ترمي ثم تأتي وتقول: الآن هي الفرصة المناسبة حتى يجتمع الناس على الحاكم فأضغط عليه ضغط إجبار يغير الأوضاع هذا ليس من الحكمة وليس من الدين بأي حال من الأحوال، إنما يجب أن يتحين لهذه النصيحة وقت الرخاء ووقت الطمأنينة، أما في حالة الخوف والحرب والخطر والفتن فحينئذ الخطر علينا جميعاً، يمكن أن يأتي العدو ويستبيح أرضنا من جهة شمالية وجنوبية وشرقية وغربية، ويطأ الأعداء هذه البلاد، فيقتلون الحاكم والعالم والداعي والآمر والناهي والغيور والفاسق والفاجر يقتلون جميعاً.

فليس من الحكمة أن يغيب عن ذهن المغير أو الناصح أن يعرف أو أن يقدر للزمن وللظرف والمناسبة قدرها ومكانها.