للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب انتشار المخدارت وأضرارها]

السؤال

فضيلة الشيخ، أرجو أن تذكر وترشد عن ضرر المخدرات التي انتشرت في المجتمع، والتي هي سبب الانحراف والهلاك!

الجواب

لا يوجد ولد بات بريئاً وأصبح مجرماً، بات صالحاً وأصبح مروجاً للمخدرات، نام ليلة طيباً وأصبح في الصباح الباكر مجرماً، المخدرات انتشرت بأسبابٍ عديدة منها: إهمالنا في التربية.

ومن الأسباب: خيانة الأمانة، والله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:٢٧] وكون الرجل يعرف عن شخص يروج مخدرات ويبيعها ويسكت عليه والله إنه خائن خائن خائن لله ولرسوله وللمؤمنين، وسوف يخاصمه المسلمون أجمعون يوم القيامة على خيانته وصمته وسكوته، كل من يعلم عن شخص يبيع المخدرات، ويروجها ويسكت عنه سيلقى الله وهو الله عليه غاضب، سيكون خائناًَ خيانة لله وخيانة للرسول وخيانة للأمة أجمع، الإنسان لو خان صديقَه نبذه صديقُه ولا يقبله، فما بالك بمن خان كل المجتمع رجالاً ونساءً، ذكوراً وإناثاًَ.

المخدرات شرها مستطير، والحديث عنها يطول، وكم من رجلٍ كان غنياً ثرياً في وظيفة وعزٍ وكرامة، وسعة ودعة ونعمة وسعادة مع زوجته وأولاده تحولت به الحال إلى أن يفصل من وظيفته لكثرة غيابه، وأن ينقطع عنه التكسب بسبب تصرِّعه وسقوطه ضحية هذا المخدر، ثم يتسلط عليه من حوله ويعبثون بماله، ثم يبدأ يبيع من أثاث بيته ويشتري منها المخدرات، ثم تهجره زوجته لأنها لم تعد تجد رجلاً كفؤاًَ، وربما بعضهم وقد وقع هذا كما أخبرني منذ قرابة شهر تقريباً قابلت الشيخ سعيد بن مسفر حفظه الله وإياكم في جدة فقص لي قصة رجل قال: كان رجلاً موظفاً في وظيفةٍ مناسبةٍ طيبةٍ، وكان عنده زوجة سعيدة جميلة طيبة وعنده بُنَيَّة، وكان سعيداً، تصوروا ما الذي حصل؟ جاء أحد هؤلاء المجرمين الخونة، وزين له هذا المخدر، لا بدعوى أنه مخدر بل بدعوى أنه مريح للأعصاب، ويعين على فك الإجهاد الذي يعاني منه بعض الناس في العمل، ولذلك إذا أعطاك أحدٌ حبوباً وقال: لاحظ أنها طيبة، إذا طلعت من العمل تعبان كلها وسترتاح، اعلم أن ذلك ربما أراد بك شراً، والمرة الأولى الذين يروجون المخدرات يعطونك مجانياً؛ لكن المرة الثالثة أو الثانية ربما يبدءون في تشغيل فاتورة الحساب.

ولذلك الواحد إذا عُرض عليه دواء من أحد، يا أخي ما بينك وبين المستوصف أو الطبيب خطوات، تقول: والله فلان أعطاني الدواء هذا، هل آكله أم لا؟! لا تأكله، ولا تأخذ إلا من صديقك الذي تثق في دينه وأمانته ونشأته، وتعرفه، ولا يخالجك شك في إخلاصه لك، فلا بأس، لكن يأتيك واحد رأيتَه مرة أو مرتين في العمل، أو راجعك أو شيء، وقال: والله يا أخي تفضل، كأنك تعبان، ماذا في عينك؟ -قد لا يكون فيك شيء- ماذا في عينك، أكيد عليك علامات الإرهاق الشديدة، أنت والله حالتك صعبة جداً، يا أخي أنا أعرف واحداً كان مثلك، مديراً ومسئولاً ومشغولاً وكذا، فأعطاه أحدهم حبوباً مريحةً جداً، وسليمة، وأثبتت لجنة الطب الأولمبي أنها لا تؤثر على جهاز المناعة، ولا إجهاد البدن، ولا غير ذلك.

فيقول له: خير أعطنا، ائت بها.

ثم يأخذ له علبة أو علبتين.

فيقول: يا أخي! الله يريحك في الجنة، ريَّحتني.

وبعد ذلك ينقطع عنه، يبحث عنه، أين هذه الحبوب، ائتوا بها، ردوها، هاتوها.

يقول له: حَسَنٌ أنا أدبرها لك، بل ويقول له: تعال ومرَّ عليَّ في البيت -لكي يعرف البيت-.

ومرة ثالثة يقول: لاحظ الحقيقة هذه حبوب أصبحت ثمينة وغالية، ولكن هذا الشريط بمائة ريال، يأخذ الشريط بمائة، المرة الثانية الشريط بثمانمائة، بألف، ولا يزال يأخذ يأخذ، ولا يستطيع تركها أبداً، فيبدأ يسهر بها، تحمر عيونه، يخمل في عمله، يتأخر، يفصل من وظيفته.

يقول الشيخ سعيد: فوقع لهذا الرجل بالضبط مثل هذه القصة، قصة طويلة وتفاصيلها خاتمتها أنه جاء إليه الرجل، قال: ما ترك شيئاً في البيت، حتى حلي زوجته باعه، باع الأثاث، والمواد الكهربائية في البيت باعها، قال: فجاءه الرجل، قال: يا أخي أينك؟ أرجوك أعطني حبوباً من هذه التي عندك، اجعلني أرتاح.

قال: ما عندي شيء.

قال: دعنا ندخل، ما أمر إلا وفيه حلاَّل.

فلما دخل صاح الرجل على زوجته: يا فلانة أعطينا الشاي.

أرسلت الطفلةَ الصغيرة بالشاي، دخلت الطفلة الصغيرة بالشاي وضعت الشاي وذهبت.

وقال الرجل: ألا تريد أن تشتري؟ قال: ما عندي نقود، من أين أعطيك؟ قال: تعطيني هذه البُنَيَّة الآن وأعطيك الذي تريد.

قال: فما كان منه أن دعاها وأغلق الباب، وأغلق باب المجلس، ومكنه منها، وأخذ مقابل ذلك حبوباً مخدرة.

يا إخواني ماذا تتصورون من المخدرات التي تجعل الرجل يبيع عرضه وبنته ووجهه وأسرته وكرامته ودينه؟! لا شك أنها شرٌ مستطير، ولذلك أقول: لا بد أن نحذر الأبناء من شرها، كما قال الشاعر:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلباً خالياً فتمكنا

وقع فيها الرجل وهو لا يعلم، ولذلك من الواجب على كل مدرسة وكلية ومعهد رجالاً ونساءً، ذكوراً وإناثاً، ودوائر صحية وعسكرية وأمنية ومدنية، وجميع القطاعات أن تكرر التحذير والعرض، وكشف الأساليب والخدع التي من خلالها يروج أهل المخدرات سمومهم حتى لا يقع الناس بها.

أسأل الله أن يحفظنا وإياكم بحفظه من الشر وأسبابه.