للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهل الجنة في درجات مختلفة ومتفاوتة]

ثم إن أهل الجنة إذا دخلوها هم في درجاتٍ يتفاوتون: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية:٢١] هل يستوي أولئك الذين تعرض عليهم الأفلام فيقولون: إنا نخاف الله ونستخدم البصر في طاعة الله مع الذين يسهرون البصر على معصية الله؟! هل يستوي أولئك الذين يصومون النهار ويقومون الليل مع أولئك الذين ضيعوا صيامهم وناموا عن صلاة الفجر؟! هل يستوي أولئك الذين يتعففون عن الحرام، وينتبهون كيف يدخلون الحلال مع الذين يجمعون المال بالرشوة وبكل سبيلٍ لا يبالون أمن حلال أم من حرام؟! لا.

ولأجل ذلك فإن من دخل الجنة ولو بعد خروجه من النار فإنه في درجاتٍ متفاوتة بينه وبين أهل الجنة السابقين، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (من آمن بالله وبرسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقاً على الله أن يدخله الجنة، جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا: يا رسول الله! أفلا نبشر الناس؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة) الجنة درجات، الجنة منازل، الجنة غرفٌ من فوقها غرفٌ منبية، ثبت في الصحيح عن أنس أن أم حارثة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتل ولدها حارثة في معركة بدر أصابه سهمٌ طائش فقالت: (يا رسول الله! قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان حارثة في الجنة لم أبكِ عليه، وإلا سوف أريك ما أصنع إن لم يكن في الجنة فقال لها: أجنة واحدة هي يا أم حارثة؟ إنها جنانٌ كثيرة، وإن ولدك حارثة قد أصاب الفردوس الأعلى منها) الله أكبر! الجنة درجات، فهنيئاً لمن كان في أعلى درجاتها، هنيئاً لمن نالها برحمة الله، هنيئاً لمن شمر لها وأعد لها، وقد بين صلى الله عليه وسلم هذا التفاوت الواضح في درجات ومنازل أهل الجنة ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو من المغرب لتفاضل ما بينهم، قالوا: يا رسول الله! أتلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده رجالٌ آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) هذه الجنة كما يقول ابن القيم.

غرفاتها في الجو ينظر بطنها من ظهرها والظهر من بطنان

سكانها أهل القيام مع الصيام وطيب الكلمات والإحسانِ