للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في الجنة كل ما تشتهيه الأنفس]

والذين يحبون الأباعر ويعشقون الخيل والدواب في الجنة ما تتمناه أنفسهم، ولهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، ففي مسلم وأخرجه أيضاً أبو نعيم في الحلية والحاكم في المستدرك عن ابن مسعود قال: (جاء رجلٌ بناقة مخطومة فقال: يا رسول الله! هذه الناقة في سبيل الله فقال صلى الله عليه وسلم: لك بها سبعمائة ناقة مخطومة في الجنة) وقال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، أهل الجنة يتمنون أشياء، وقد تعجبون من الأماني، يتمنى بعض أهل الجنة أمنية، فهذا واحدٌ يستأذن ربه أن يزرع في الجنة، واحدٌ من أهل الجنة يستأذن الله أن يزرع في الجنة ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحدث وعنده رجلٌ من الأعراب من أهل البادية فقال صلى الله عليه وسلم: (إن رجلاً من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له الله جل وعلا: يا عبد ألست فيما شئت؟) فلم الحاجة إلى الزرع؟ ماذا تريد من الزرع وأنت في زرعٍ وظلٍ ونعيم؟ (ألست فيما شئت؟ قال: بلى.

ولكن أحب الزرع، فآتاه الله ما أراد فبذر -أخذ يبذر- فبادر الطرف نباته -يعني: ما يضع البذرة حتى يلاحق الثمار ببصره- فبذر فبادر الطرف نباته واستواءه وحصاده فكان أمثال الجبال فيقول الله تعالى: دونك يا ابن آدم! فإنك لا يشبعك شيء قال الأعرابي الذي كان جالساً عند الرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! والله لا تجد هذا السائل إلا قرشياً أو أنصارياً -هذا الذي يريد أن يزرع في الجنة- يقوله الأعرابي يا رسول الله! والله لا تجد هذا السائل إلا قرشياً أو أنصاريا فإنهم أصحابُ زرع وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع؛ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم).

وهذا رجلٌ آخر من أهل الجنة يتمنى أمنية، يتمنى الولد فيحقق الله له أمنيته في ساعة واحدة، حيث يتم الحمل والوضع في ساعة، روى الترمذي في سننه وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه بإسنادٍ صحيح عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه في ساعة واحدة كما يشتهي).