للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تضحية وبذل أبي بكر وعمر بن عبد العزيز في سبيل الله]

عباد الله! دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأمة، إلى البذل في سبيل الله، وإلى غزو أعداء الله، وكان الأمر يتطلب تضحية بالمال، وتجهيزاً للجيش، وبذلاً للسلاح، فجاء أبو بكر بماله كله، ونثره بين يدي رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر! ماذا تركت لأهلك وولدك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله، نِعم المدخر، ونِعم الكنز الذي أبقيته لهم يا أبا بكر {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ} ماذا يفعلون بهم؟ {فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} [النساء:٩].

قيل لـ عمر بن عبد العزيز لما حضرته الوفاة: هلا تركت شيئاً للصبية والأولاد والذرية؟ فقال: إن كانوا صالحين فلن يضيعهم الله، وإن كانوا عصاة فلن أضع لهم مالاً يتقووا به على معصية الله، قال الراوي: فوالله لقد رأيت كل واحد منهم حمل على مائة بعير في سبيل الله بأحلاسها وأقتابها وسلاحها، لأن غناء الله عطاء لا ينقطع، ومدد لا ينتهي، وجود لا ساحل له.

فيا معاشر المؤمنين! هذه صور من التضحيات التي بذل فيها الآباء والأجداد، والقدوة والأسوة المصطفى صلى الله عليه وسلم، والصحابة من بعده بذلوا فيها أروع الأمثلة وأجل المثل، لكي نتعلم نحن التضحية في هذا الزمان.