للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الذكر يعطي قوة في البدن]

أما أن الذكر يعطي قوة فيدل عليه هذا الحديث: فلقد علم علي بن أبي طالب وفاطمة رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جيء إليه بأعبد -بسبي- فقال علي: يا فاطمة! قد تعب صدري من نزح الماء من البئر، قالت فاطمة: -والله- يا علي! وأنا مجلت يداي من الرحى، فقال علي: هلا ذهبتِ إلى أبيك فسألتيه لنا خادماً فإني سمعتُ أن أعبداً أو سبياً جيء به إليه صلى الله عليه وسلم، فذهبت فاطمة، فلما دخلت على أبيها وحبيبنا صلى الله عليه وسلم خجلت واستحت -يعيش المرء ما استحيا بخيرٍ- ثم عادت أدراجها.

فلما عادت إلى علي رضي الله عنه قال علي: ما فعلتِ يا فاطمة؟ قالت هبتُ واستحيت أن أسأل أبي، فذكر لها مثل ما ذكر الأولى، فعادت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاءت بين يديه، قالت: يا رسول الله! علي يشكو ما به من نزح الماء من البئر -يسني على صدره- وأنا مجلت يداي من الرحى وقد سمعنا أن أعبداً جيء بهم إليك، فأخدمنا خادماً يا رسول الله! فالتفت صلى الله عليه وسلم، قال: يا فاطمة! والله لا أعطيكِ وفقراء الصفة جياع، ولكن أبيع هؤلاء الأعبد، فأنفق على جياع أهل الصفة، فإن فضل من المال شيء أعطيتكم وأعطيتُ غيركم.

فعادت فاطمة مرةً أخرى أدراجها تمشي القهقري إلى بيتها، فلما قدمت إلى علي يظن أن الخادم يتبعها أو في إثرها، فلم يرَ شيئاً، فانضم الحبيبان إلى بعضهما وأويا إلى فراشهما، ولما جن الليل خرج صلى الله عليه وسلم يمشي إليهما، وفي نفسه صلى الله عليه وسلم من الأثر أبلغ مما في نفس فاطمة كيف لا وهي حبيبته وسيدة نساء أهل الجنة؟ فدخل عليهما فوجدهما ملتحفين في فراشٍ واحدٍ قد بدت رجلاهما من قصر الفراش، وقد غطيا رأسيهما وبدت رجلاهما.

فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وجلس بينهما، قال علي: فوجدت برد يدي النبي صلى الله عليه وسلم على بطني أو فخذي، فقال صلى الله عليه وسلم: (أفلا أدلكما على ما هو خيرٌ لكما من خادمٍ وخادمة؟ تسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمدا الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبرا الله أربعا وثلاثين، فذلك خيرٌ لكما من خادمٍ وخادمة).

قال علي: [فكنت أجد فيها قوة وما تركتها أبداً].

قيل للإمام علي رضي الله عنه: حتى ليلة صفين؟ قال: [حتى ليلة صفين ما تركتها وما شغلت عنها].