للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطط الأعداء لإفساد المرأة]

عباد الله! إن للأعداء وأتباعهم خططاً عاتية في إفساد المرأة، وإخراجها عن وضعها المستقيم، قد تمكنوا من تنفيذها في بعض البلاد المسلمة ويسعون الآن جادين لتنفيذها أو بعضها ما استطاعوا في بلاد أخرى، فمن هذه الخطط والمكائد افتعال القضية، الناس لا يتحركون بغير قضية تزعجهم، أو تقض مضاجعهم، ومن هنا يحرص هؤلاء أن يوحوا أن للمرأة قضية تحتاج إلى نقاش، وتستدعي الانتصار لها أو الدفاع عنها.

ولذلك يكثرون الطنطنة على هذا الوتر، بأن المرأة في مجتمعاتنا تعاني ما تعاني، وأنها مظلومة، وأنها شق معطل، ورئة مهملة، لا تنال حقوقها كاملة، وأن الرجل قد استأثر دونها بكل شيء وهكذا، حتى يشعروا الناس بوجود مرافعة وقضية وخصومة بينهم وبين المرأة، هي عند التأمل لا وجود لها، أو هي في الحقيقة معركة بلا أعداء.

نحن لا ننكر وقوع بعض الظلم على المرأة، من قبل بعض الأولياء أو الأزواج، لكن هذه الأمور نتاج حقيقي لتخلف الأمة عن عقيدتها ودينها، ومن ثم فالقضية قضية المجتمع الإسلامي الذي دبت فيه الأمراض نتيجة ابتعاده عن أسباب العافية، وهذه المسألة مسألة المرأة واحدة من نتائج ابتعاد المسلمين عن دينهم، واستسلامهم وتبعيتهم لأعدائهم.

ومن هنا فعلاج قضية المرأة، هو في إطار علاج الأمة بأكملها، وإعادة الأمور إلى نصابها، أما الصيحات والنعيق بأنه ليس من العدل أن نعاقب طالبة باعتبارها مخالفة، لمجرد أنها أحضرت نسخة من مجلة، أو علبة من مساحيق التجميل، أو صورة لشقيقتها، أو ما يقال بأن العباءة قد تحولت إلى فخ أو قيد، بل كلبشة شديدة الإتقان، فتلك خطة مدروسة يراد من ورائها تضخيم القضية، لتلفت أعناق الناس إليها، حتى يطرح هؤلاء حلولهم الغبية والمسمومة.

فالحل إذاً في نظرهم، وكما يزعمون ويدعون ترك الفتيات يتحركن بحرية، وأن يعشن مرحلتهن العمرية بشكلها الصحيح، أو الحل في نظرهم ليس في هذه العباءة التي تقيها وتحجبها وتمنعها وتقيد خطوتها، الحل في لبس العباءة الفرنسية، ذات الأكمام الأكثر اتساعا، أو التي قد يمكن التخلص منها، عندما يتعلق الأمر بالحياة والموت.

وليست القضية هي جنسية العباءة، لكن القضية هو التخلص من هذا الحجاب رويداً رويداً، ثم هم يقولون كما يزعمون: وبذلك ننقذ زهرات حياتنا من الموت، أو الحل في أنظارهم إعادة النظر في شكل العباءة، أو إعداد تصاميم تنسجم فيها شروط الحشمة مع شروط النجاح، حتى لا ندفع المزيد من الدم والضحايا مقابل ما لا يستحق، فوا خجلتاه من أقلام محسوبة على المسلمين لم تسخر للدفاع عن الإسلام وأهله.

تبتلى الأمة بالرزايا، وتنحر رقابها، وتسفك دماؤها، وتتطاير أشلاء أبنائها فلا ترى أحداً يكتب عن هذه القضية، يموت آلاف الشباب بالمخدرات، وفي مصائب عديدة، فلا تجد قلماً يكتب، وحينما يتعلق الأمر بهجمة شرسة على الحجاب والفتاة والعفاف والحياء، يترصد الكتبة، وتتحرك الأقلام، فيكتب في ذلك ما يكتب، وأين هؤلاء عن مصائب المسلمين؟ أين هم عن جراحاتهم؟ أين هم عن نكباتهم؟ أين هم عن اغتيال قاداتهم؟ أين هم عن جوعهم وفقرهم ومرضهم وتشريدهم؟ أين هذه الأقلام عن هذا كله.