للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[زور دعوى حرية المرأة]

ثم إنك لتعجب من هذه الدعوة المزعومة، دعوى المطالبة بحرية المرأة، ولو صدقوا لقالوا: حرية الوصول إلى المرأة، من ذا الذي يكره الحرية ويحب الأغلال والقيود؟! لقد كثر استعمال مصطلح تحرير المرأة، وكأن ذلك يوحي بأن المرأة في مجتمعنا عبد يجب تحريره.

واستعمال هذا المصطلح صوَّر الدعاة إلى إفساد المرأة منقذين رحماء، يريدون أن ينتشلوها من وهدتها، ويرفعوها من سقطتها، ونقول: هل توجد في الدنيا حرية مطلقة بدون قيود؟ لو لم يكن أمام الإنسان من القيود إلا قدراته وإمكاناته المحدودة؛ لكان ذلك كافياً في سقوط مصطلح الحرية المطلقة، وإن البشر جميعا لا يعيشون في مجتمعاتهم إلا بأنظمة وقوانين، فهل البشر كلهم مستعبدون؟ إذاً فليكن البحث في أي هذه القيود أحفظ لكرامة الإنسان، وأصون لعرضه، وأجلب للخير له في الدنيا والآخرة، أما إشاعة الفوضى، والدعوة إلى الإباحية والانفتاح، وسرعة وسهولة الوصول والاختلاط والحديث والخلوة بالمرأة بحجة الحرية، فإن تلك مكيدة يهودية، اليهود أول من جاءوا بها، ثم لا تعجب يوم أن ترى أولئك الذين يدعون إلى حرية الوصول إلى المرأة، كيف يصورون البيت، ومهمة الأمومة والحضانة، وقوامة الرجل بصورة تتقزز منها النفوس.

فالبيت سجن مؤبد، والزوج سجان قاهر، والقوامة سيف مسلط، والأمومة تكاثر رعوي، حتى أوجد ذلك في نفوس طائفة من النساء أنفة واشمئزازاً من الإنجاب والبيوت والطاعة والخضوع للزوج، وأوجد في أنفسهن بحثاً عن الانطلاق بلا قيود.

ونقول: إنه ليس هناك شيء يستطيع تحقيق ذات الأنثى، أكثر من بيتها وحرصها على أطفالها، لقد صرح عدد من النساء الشهيرات، في مجال التمثيل والسينما والمسرح، بأنهن لم يسعدن بشهرتهن كسعادتهن بطفل واحد! أما قوامة الرجل فالمرأة أحوج إليها من الرجل؛ لأن المرأة لا تشعر بالسعادة وهي في كنف رجل ترى أنها تستعلي عليه، لقد أسيء فهم القوامة، أو هكذا أريد أن تفهم.

والحق أن قوامة الرجل على المرأة قاعدة شرعية تنظيمية، بها تستقر أوضاع المجتمعات، والنطاق الذي تشمله قوامة الرجل على المرأة لا يمس حرية كيان المرأة، ولا ينقص من كرامتها، فليس عليها أن تطيعه في معصية بحجة القوامة، وليس عليها أن تطيعه في غير معروف بحجة القوامة، وليس له بحجة القوامة أن يؤذيها بغير حق، بل إن من كمال إيمان الزوج حسن معاملته لزوجته، ومن ولاه الله أمره، قال صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا، وخياركم خياركم لنسائهم).