للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أخذ حقوق الناس بالباطل]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراًَ إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى.

اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتُها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ظلم قيد شبر طُوِّقَهُ يوم القيامة من سبع أرضين) هذا شأن من ظلم شبراً فأدخله في أرضه وهو يعلم أنه ليس له! فما بالكم بمن ظلم متراً؟! أو كيلو متراً، أو أقل أو أكثر من ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله! إن الواقع في هذه الأيام يشهد نزاعات عظيمة، وخصومات كبيرة، وإحداثات ممنوعة، كلها من اعتداء بعض المسلمين على أراضي البعض.

فهذا يدخل في أرض جاره خمسمائة متر أو أكثر، وهذا يدخل أكثر ويدَّعي أنه صاحب الملك، وهذا يستشهد الناس بالزور، ويدفع رشوة لكي يقيم الحق لصالحه؛ ولكي يطرد صاحب الحق من مكانه.

أين الله؟! أين الله؟! أين الله يا عباد الله؟! أين الله عن قلوب أولئك الذين لا يبالون بما ظلموا في هذه الأرض، من قليل أو كثير؟! ألا يخشون أن يُطَوَّقُون من سبع أرضين يوم القيامة؟! ألا يعلمون أن هذا غلول؟! ألا يعلمون أن الغلول يؤتى به يوم القيامة؟! ألا يعلمون أن هذا عذاب ونار وسعير وجهنم ونارٌ تلظى؟! والعجب العُجاب من ذلك يا عباد الله: أن ترى غنياً له من العقار ما له! وله من الضِّياع ما له! ومع ذلك يظلم فقيراً في أرض ليس له إلا هي! أما يخشى الله في ظلم الضعفاء؟! أما يخشى الله في ظلم الأبرياء؟! أما يتقي الله جل وعلا في شبر أو أقل أو أكثر في هذا الظلم؟! سبحان الله العلي العظيم! إذا انعدمت التقوى، وغابت المراقبة، فحدث ولا حرج عن الظلم والطغيان والجرائم والغلول، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فيا عباد الله: اتقوا الله جل وعلا، ومن كان معتدياً على شيء ليس له؛ فليرجع إلى حده، ومن كان قد غصب شيئاً ليس له؛ فليتق الله وليرده إلى صاحبه، ومن كان في نفسه شيء من مالٍ؛ فليراجع صاحبه حتى يُمضي معه صلحاً؛ فإن الصلح تبرأ به الذمم؛ ما لم يكن صلحاً متفقاً فيه بالباطل على الباطل؛ فإن الصلح على الباطل باطل، ولا حول ولا قوة إلا بالله! عباد الله: ما شأن الناس في هذا الزمان يتخاصمون، ويتنازعون، ويحلفون, ويشهدون الزور، ويرتشون، وكلٌّ يقول: هذا لي.

وأحدهم والله يعلم أنه كاذب فيما يشهد، ويحلف ويدعي ويرشي؟!