للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان أن الدين شامل وأن العمل فيه واسع ومتعدد]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، عضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار، عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة في الله! إن تضييق مجالات العمل لدين الله جل وعلا لهو إما نتيجةٌ لوسوسةٍ شيطانية، ليصد الشيطان بعض العاملين إلى الله عن مزيدٍ من مجالات العمل لدين الله، أو هو قلة فهمٍ لأبعادٍ وشمولية وسعة نطاق هذا الدين، وكل ذلك مرفوضٌ مردود، فإذا علمتم ذلك -يا معاشر الشباب- فاعلموا أن العمل لهذا الدين بعد التوبة والاستقامة والالتزام، وبذل الحسنات والصالحات، اعلموا أن العمل لهذا الدين متعدد المجالات، فما الذي يمنع أن يكون من بين الشباب من يهتم بأحوال المعوقين في مستشفيات النقاهة، ومتابعة أحوالهم، وحوائج أسرهم، وتأمين احتياجاتهم، هذا والله بابٌ من أعظم أبواب الدعوة! وما الذي يمنع أن يكون من بين شباب الإسلام الصادقين الملتزمين من يهتم بأحوال السجناء والمعسرين، فيجمعون لهم التبرعات، ويفاوضون غرماءهم، لكي ينقص من الديون التي في ذممهم؛ حتى يعتقوا رقاباً من السجن؛ لتعود إلى زوجاتها وأطفالها وآبائها وأمهاتها، هذا أيضاً من باب الدعوة إلى الله! وما الذي يمنع طائفةً من الشباب أن يجتهدوا في العناية بالمساجد وجمع التبرعات لها، وإصلاح شئونها، ومرافقها ودورات المياه فيها، ومكبرات الصوت التي لها، هذا أيضاً من العمل لدين الله جل وعلا؟! إن العمل للإسلام بابٌ واسعٌ شامل، ما الذي يرد بعض الشباب أن يزوروا مستشفيات الأمل لكي ينظروا ويتعرفوا ويتلطفوا بأحوال إخوانهم الشباب، الذين وقعوا ضحية المخدرات والأفيون والمسكرات! ما الذي يمنع بعض الشباب أن يزوروهم وأن يجعلوا جزءاً عظيماً من أوقاتهم متخصصاً لهؤلاء الشباب في زياراتهم ودعوتهم والتعرف بهم؟ حتى إذا جاء يومٌ من الأيام وخرج ذلك المتعاطي للمخدرات، وقد تماثل للشفاء سليماً معافى من ضربة هذا الأفيون والمخدر، يجد صحبةً صالحة تتلقاه بعد خروجه من السجن؛ لأنه من المعلوم أن الذين يقعون ضحية المخدرات ويذهبون إلى السجون أو إلى مستشفيات الأمل، أول من يتجهمهم، وأول من يتبرأ منهم، وأول من يقاطعهم جلساء السوء الذين أكلوا وشربوا وقعدوا وباعوا واشتروا منهم، فلا بد أن يكون من الشباب من يزور أولئك في المستشفيات وفي السجون، ويتعرف عليهم، ويحبب إليهم التوبة، والإقبال على الله، فإذا خرجوا من السجن إذا لهم رصيدٌ من الأخوة الصالحة، والعلاقة الطيبة، والمتابعة والرعاية اللاحقة، التي تمنعهم من الوقوع مرةً أخرى في المخدرات والمسكرات.

ما الذي يمنع البعض أن يزوروا مدارس الجنح والأحداث؛ لكي ينظروا أحوال الشباب، خاصةً من الصغار فيهم الذين حصل لهم جنوحٌ مبكرٌ في سلوكهم أو تصرفاتهم، فيربط بهم علاقةً طيبة، فإذا خرجوا من السجن ربطوهم واتصلوا بهم، ربطوهم بكتاب الله وسنة رسول الله، وحلق الذكر في المساجد، والندوات والمحاضرات! أبواب العمل لهذا الدين كثيرة ما الذي يمنع بعض الشباب أن يجمع من كثيرٍ من الناس أشرطة الغناء، فيمسحها ويمحو ما فيها، ثم يردها إليه مليئةً بكلام الله، والخطب والندوات والمحاضرات؟! ما الذي يمنع بعض الشباب أن يزوروا أصحاب محلات الفيديو في محلاتهم، ومعهم الهدية، وعليهم الابتسامة، وملؤهم الرحمة والمحبة، فيدعونهم إلى الله، ويحذرونهم مغبة ما وقعوا فيه، هذا أيضاً من أبواب العمل لدين الله جل وعلا؟! ما الذي يمنع البعض أن يتطوع لكي يسافر إلى أطراف هذه المملكة، ولو مرتين أو ثلاث مرات، أو على الأقل مرةً واحدةً في السنة، لكي يزور بعض المناطق والقرى والهجر التي فيهم من لا يعرف الفاتحة، ولا يعرف شروط الصلاة، ولا يعرف شروط الطهارة وأركان العبادة؟! هذا أيضاً من أبواب الدعوة إلى الله.

إذاً أيها الأحبة! لا يأتي الشيطان إلى بعضنا حينما يرى من أحدنا حماساً وشوقاً ورغبةً للعمل في دين الله، لكي يقول: من أنت؟ وهل بلغت مرتبةً فلانية؟ وهل حملت شهادةً فلانية؟ لا والله إن العمل لدين الله لا يحتاج إلى شهادةٍ عالية، بل يحتاج شرطاً واحداً: (نضر الله امرأً سمع منا مقالةً فوعاها، فبلغها، فرب مبلغٍ أوعى من سامع) إذاً شرط الدعوة أن تكون عالماً واعياً بما تدعو إليه، ثم بعد ذلك انطلق في كل مجالات ومناحي الحياة.

ما الذي يمنع الكثير أن يتعاونوا مع إخوانهم في مدارسهم وفي جامعاتهم لكي يعينوهم على الإقبال على دين الله جل وعلا، ولكي يحذروهم من مغبة الأفكار الهدامة، والتيارات الوافدة المهاجمة؟! ما الذي يمنع البعض أن يفتح له باباً في فضح خطط الأعداء والمبشرين والمنصرين، والغزاة المفسدين بأفكارهم وأقلامهم، لكي يتابعوا ذلك؟! هذا أيضاً من أبواب العمل.

ما الذي يمنع بعض الشباب أن يتتبعوا الجرائد والمجلات فينظروا ما فيها من الأخطاء العقدية والمخالفات الشرعية! سيما هذه الجرائد والمجلات التي تفد إلينا من الخارج، فينبه على ما فيها من الخطأ، ويتصل بالمسئولين ويقول: ورد في العدد الفلاني الصادر من الدولة الفلانية، أو من الجهة الفلانية، خطأ وخطرٌ وخلل في العقيدة أو في الأخلاق والسلوك!