للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دين الله ماض إلى قيام الساعة]

الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه وعن الند وعن المثيل وعن النظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:١٨].

معاشر المؤمنين! في هذه الأيام وكل مسلم غيور، وكل مسلم يهمه أمر إخوانه المجاهدين، يترقب ويتصنت بلهف وشوق إلى أخبار النصر والفوز والسؤدد بالنسبة لإخوانه المجاهدين في أفغانستان، وقبل أن نخوض فيما يبشركم أود أن نبين أمراً لابد لكل مسلم أن يعيه تمام الوعي، وأن يعرفه حق المعرفة، ذلكم أيها الإخوة أن دين الله وحده ماض لا يرده ظلم ظالم، أو طغيان طاغوت، أو جبروت متجبر، أو فسق فاسق أو تدبير مدبر.

إن دين الله ماضٍ إلى يوم القيامة، وإن شريعة الإسلام باقية إلى يوم القيامة، وليس الجهاد بحاجة لنا، بل نحن بحاجة إلى الجهاد، كلنا بحاجة إلى العزة والرفعة والسؤدد والسيادة، وذلكم يا عباد الله لا يكون إلا بالجهاد في سبيل الله، وبغير الجهاد فلن يكون لأمة المسلمين عز ولا سلطان ولا كرامة، يقول صلى الله عليه وسلم: (ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا) ويقول صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة وتبعتم أذناب البقر -أي: اشتغلتم بالزراعة وغفلتم عن الجهاد- وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم إلى يوم القيامة).

يقول الله جل وعلا: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:١٩٥] قال بعض الصحابة من الأنصار: إنا ذوي حرث وزرع وقد أعز الله رسوله ودينه، فلو اشتغلنا بشيء في زروعنا وحرثنا فأنزل الله جل وعلا قوله: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:١٩٥] أي: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة بترككم الجهاد، وترككم الإنفاق في سبيل الله: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:١٩٥].