للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تسلط المترفين]

كذلك أيها الإخوة: تسلط المترفين من أسباب هلاك الأمم، يقول جل وعلا: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} [الإسراء:١٦] {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} [إبراهيم:٢٨ - ٢٩].

فيا أيها الأحبة: حينما يصبح المترفون المدللون الذين (يفحطون) عند العزيزية، والذين يفحطون في شارع الثلاثين، وشارع الموت، ويصبح أبناء المترفين والمدللين يعبثون بالنعم، سيارات تسَعَّر بمائة ألف، وثمانين ألفاً تلعب في الشوارع يميناً ويساراً، هذه علامات هلاك، هذه بوادر خطيرة ومؤشرات للأمة، أممٌ لا تجد ما تلبس، وأممٌ تموت جوعاً، وأممٌ تموت عطشاً، وأممٌ تستباح ديارها وتغتصب أعراضها، وأمةٌ تلعب بالمائة ألف، والمائتي ألف بالتفحيط واللف والدوران يميناً ويساراً، أين من يأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء؟ أليس من الواجب أن تصادر سيارته، وأن تباع بالمزاد العلني، وأن يدخل مالها في بيت مال المسلمين؟ نعم، هذا الواجب؛ لأن من لا يعرف قدر النعمة، فإنه يُعَرَّف بقدرها بالحرمان والتعزير، أما أن يترك ليعبث ويفحط يميناً ويساراً إلى آخر ذلك، فهذا لا يرضي الله جل وعلا، وهؤلاء الذين يعبثون ترفاً وإسرافاً بالأموال، لا تظنوا أن جريمتهم يكون شؤمها عليهم، بل هي والله عليكم، ولندفعن الثمن من أنفسنا، ومن أعراضنا، ومن أموالنا، ومن طمأنينتنا، ومن هدوئنا واطمئنانا إذا لم نأخذ على أيديهم، ونأطرهم على الحق أطراً، لكن نسأل الله جل وعلا أن يبرم لأمتنا أمر رشد يخسأ فيه فعل أولئك المفسدين المسرفين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.