للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم]

النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر الصحابة عن عير قريش قبل موقعة بدر، تمنى الصحابة أن يظفروا بالعير وألا يقاتلوا قريشاً، قال تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال:٧].

ولكن الله جل وعلا قدر برحمته وحكمته وعدله، أن تكون الشوكة والقتل والقتال وسل السيوف وصهيل الخيول، وكان في هذا خير عظيم بإذن الله جل وعلا، ليحيا من حيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، كان فيها خير عظيم بإذن الله جل وعلا، فلا تكرهوا الحرب، الحرب التي نواجهها الآن هي قدرنا، وعلى كل أمة أن تواجه قدرها، هل فر النبي عن قدر الحرب في أحد التي قال قبلها: (رأيت بقراً تنحر) أي: رأى في المنام أنه سيكون ذبح وقتل في صحابته، ومع ذلك خرج لملاقاة عدوه، وما جزع، وتقبل قدره، وواجه هذا القدر بقدر الله المشروع وهو الجهاد.

دخلت حلقتين من حلق المغفر في رأسه صلى الله عليه وسلم، كسرت ثنيته، شج وجهه الكريم، كسرت رباعيته، ومع ذلك واجه النبي قدره، واجهوا قدرهم في الخندق والأحزاب، وبني قريظة، وبني المصطلق، وبني النضير، وتبوك، ومن بعدهم المسلمين في بلاط الشهداء والقادسية واليرموك والزلَّاقة، إلى آخر عصور المسلمين، والأمة تواجه أقدارها وهي سعيدة.

لما كان عصر الفتوحات في الدولة الإسلامية في عهد أبي بكر وعمر، ماذا كان شأن الناس في المدينة؟ أكانوا يجتمعون في المساجد ويصيحون وينيحون ويبكون؟ كان الناس يتبايعون ويشترون، ويتزوجون ويتناسلون، ويأتي البشير من قائد أمير المؤمنين، فتحت مدينة كذا فيكبر المؤمنون، استشهد زوج فلانة، فتحتسبه شهيداً عند الله، وترجو اللحاق به في الجنة، قتل فلان بن فلان فيحمدون الله جل وعلا.