للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وضوح زيف السلام العالمي]

كانت الأمة تعيش قدرها الطبيعي للغاية، وليس كما أصاب كثيراً من المسلمين في هذا الزمان، وقد لا يلام بعضهم؛ لأنهم تعودوا حياة السلام، وأنغام السلام، وموسيقى السلام، وأخبار السلام، وعدم الانحياز، والعدالة في القضايا الدولية، وظنوا أن المجتمع لا يقتل فيه طير، ولا تغتال فيه بهيمة، ولا يراق فيه دم، ولا يقطع فيه شلو، لا.

أغنية السلام التي نمنا على أنغامها زمناً طويلاً هي التي جعلتنا نفزع ونخاف.

اسألوا إخوانكم الشباب الذين ذهبوا للجهاد في أفغانستان، كيف كانت أنفسهم أمام الوضع؟ قالوا: الأمر طبيعي، هل هناك من رغبة في الجهاد؟ مستعدون في أي لحظة؛ لأن من تعود قدر الأمة الطبيعي، وسنة الله في أمة الإسلام في الجهاد في سبيل الله، ركنها السادس وذروة سنامها، لا يعجب من هذا أبداً، لكن مر بنا زمن طويل وفيه استقرار السلام، استتباب الأمن في منطقة الشرق الأوسط، والسلام والسلام، وأي سلام هذا؟! سلام ومليون وستمائة ألف قتيل في أفغانستان نحسبهم من الشهداء، ما هو السلام الذي نمنا على أنغامه؟ سلام والمسلمون في سنقار في كشمير دماء تسيل، يأتون الأسرة المسلمة وهي متحلقة على طعام الإفطار في رمضان، فيهجمون عليها، ويجعلون دماءهم على إفطارهم، في بورما، في الفلبين، في مندناو، في أثيوبيا وإرتيريا، أي أغنية سلام نمنا عليها هذه، التي جعلتنا نفزع لما رأينا الحرب، والحرب ممن؟ من عدوٍ ما كانت عداوته غريبة أبداً، الذي يقول لك:

سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم

أي يقول: سأوحدكم، سأجعل دولتي ودولتك والكويت والعراق وقطر والإمارات، سأجعلها دولة واحدة ولو بالكفر، ومرحباً بجهنم بعد ذلك، أتظنون أن أمر الحرب وعداوة المسلمين تعتبر قدراً غريباً، أو شيئاً عجيباً حينما يبدو منه، أبداً والله، كنا في غفلة، وكان الأعداء يعملون، وكان عامَّة الناس فينا يجهلون ماذا يراد بالأمة، وماذا يخطط لها.