للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بما كسبت أيدي الناس]

أيضاً مسألة أخرى أيها الأحبة: إن لله جل وعلا حكمة في أن يشمل هذا الانزعاج كافة الناس؛ لأن الغالبية من الأمة اليوم في غفلة، فمستقل ومستكثر، ولما بدأ ذلك المجرم الطاغية صدام حسين في ضخ البترول على مياه الخليج، والكتلة النفطية تضررت منها الحياة المائية، وسقطت الطيور أمواتاً هلكى على شطئان وخلجان وصخور الشواطئ، وظهرت الحيتان أيضاً مريضة وميتة، وتسممت الأسماك وتضررت؛ ذكرت قول الله جل وعلا: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:٤١].

أيدي تكسب يومياً الذنوب والمعاصي، وتجترح السيئات، والله إن من لطف الله بها أن يكون هذا نوع من أنواع الابتلاء والامتحان والتذكير والبأس الذي يدعوها إلى التضرع: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} [الأنعام:٤٣] هذه من نعم الله جل وعلا بالأمة، أن يكون إلى هذا الحد هو مستوى البلاء الذي يصيبها، وإلا يا أخوان مر بالناس زمان فيه غفلة عظيمة، تدخل على صاحب الفيديو، يا أخي الكريم! يا أخي الحبيب! لا تكن سبباً في هلاك الأمة، لا تبع للناس الفجور والفساد والدعارة، يا أخانا! يمكن أن ترى لنفسك، بدلاً من أن تجعل المصيبة والمعصية قاصرة على نفسك، تجعلها معصية متعدية فتنشرها على الناس جميعاً! مثل الذي معه سلاح، ليس ينتحر لنفسه، وإنما يقتل الناس معه ويقتل نفسه أيضاً.

تأتي إلى الآخر: يا فلان اتق الله، عد إلى الله، صلْ رحمك، بر والديك، صلاة الجماعة في المسجد، اترك الأمور المحرمة، دع الربا، دع المعاصي، وغفلة عظيمة لا يعلمها إلا الله جل وعلا {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:٤١] ليذيقهم كل الذي عملوا؟ لا: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} [الروم:٤١] فأسأل الله جل وعلا أن يلطف بنا.

تقول عائشة: (يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟) الصالحون فينا يصومون ويصلون ويتهجدون ويزكون ويتصدقون، قال: (نعم، إذا كثر الخبث) إذا كثرت وانتشرت وظهرت الذنوب والمعاصي وفشت، والخبث هو الزنا، فنسأل الله جل وعلا أن يلطف بنا، وأن يتداركنا بمنه ولطفه.

أيها الأحبة! ومن العجائب والعجائب جمة، أن رجلاً أهله في لبنان يتصلون له، يقولون: تعال نحن في لبنان خائفين عليك.

كفا بك داءً أن ترى الموت شافيا وأن المنايا قد غدون أمانيا

كنا نظن أن الذي في لبنان، هو في أشقى الجحيم، فأصبح أهل لبنان يتصلون على أولادهم، يقولون لهم: تعالوا، رجل أهله يعيشون في لبنان يرسلون إليه رسالة، يقولون: تعال عندنا؛ خوفاً عليه، فزعاً عليه، فهذه من العجائب ونوادر هذا الأمر.

وعلى كل حال:

فالليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيبه

يا نائم الليل مسروراً بأوله إن الحوادث قد يطرقن أسحارا