للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أخذ الدروس والعبر من الأزمات]

كذلك أيها الأحبة! من الأمور التي ينبغي أن ننتبه لها، أن نأخذ الدرس والفائدة مما يدور، الآن كثير من الناس يقول: أنا أفزع من صوت الصافرة، وفعلاً صوت الصافرة مزعج؛ لأنه أمر غريب على الأسماع، تجد الصوت لا يزعج أذنك من شدة صوته، ولا يشوش ذهنك، ولكن يجعل في قلبك شيئاً من الانزعاج تقريباً، وهذا أمر ملحوظ، تقول امرأة من النساء: والله إني إذا سمعت الصافرة أهتم وأحزن، قلت لها: لماذا؟ قالت: لأني أتذكر النفخ في الصور.

الأولى أن نجعل من القضايا التي تحصل الآن عبراً ودروساً، وفعلاً: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً} [النبأ:١٨] {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ الآية} [النمل:٨٧] ليس بالفزع الذي الواحد يقوم من نومه، والذي يسحب رداءه، والذي يسحب بطانيته، النفخ الحقيقي في الصور هو أحرى وأولى أن يهتم وأن ينشغل الناس بالإعداد والاستعداد له، أن نجعل في هذه الأمور عبراً وأي عبر، ولو أننا اعتبرنا فيما نرى وفيما يحدث من الحوادث، لكان لنا معها شأن عظيم.

والشيء بالشيء يذكر في باب العبر، في حج العام الماضي لما تدافع الناس في نفق المعيصم، وحصل ما حصل فيه من الجرائم، وحدث أن خرج الناس عراة، لا إزار ولا رداء، يخرج المرء وعورته (قبله دبره) مكشوف للناس أجمع، فيأتيه الحاج الآخر، يقول: يا فلان استر عورتك! وهو يمشي كالمجنون لا يدري أن عورته بادية، فأتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا، قالت عائشة: يا رسول الله! النساء والرجال؟ قال: يا عائشة الأمر أكبر من ذلك).

إذا كان نفق اسمه نفق المعيصم، تدافع الناس فيه فخرج الناس عراة، شغلوا وذهلوا عن أنفسهم، تدافع بسيط في شأن من شئون الدنيا، يخرج الواحد يذهل عن نفسه فيخرج عريان فلا يدري، فما بالك إذا كنت في يوم القيامة، الأمر أعظم من ذلك، فينبغي أن ننتبه، وأن نستفيد من هذه الأمور التي تحصل.

كذلك أيها الإخوة! حينما نرى لهب هذه الصواريخ، حينما نرى صوت هذه الرجفة أو الوجفة في سقوط الصاروخ أن نعتبر بها؛ لأن هناك من أحداث الآخرة ما هو أشد وأدهى وأعظم من ذلك، فهي أولى بالتدبر وأولى بالتفكر والاعتبار.