للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كل عزة قامت على باطل لابد أن تزول]

أيها الأحبة: كل عزةٍ قامت على باطلٍ سوف تزول، وكل اعتزازٍ غير موصولٍ بالله فهو بوارٌ وخسار، ومهما ابتغى بعض الناس العزة بغير هذا الطريق فلهم الذلة، وأناس انتهجوا طرقاً وأحوالاً للوصول إلى عزةٍ أو منعة أو رفعة لكن بغير طريقٍ تمت للدين بصلة، فماذا كانت النتيجة؟ كان البلاء فيما طلبوه، وكانت الذلة فيما تبعوه، وكان البوار والخسار فيما سألوه، انظروا إلى المنافقين، لماذا يوالي المنافقون أعداء الله؟ {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [النساء:١٣٩] ولذلك وبعد هذا بآيات حذر الله عباده المؤمنين من طريق هؤلاء وصنيعهم، فقال سبحانه بعد ذكر النفاق وأحوال المنافقين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً} [النساء:١٤٤] ثم ذكر سبحانه مصير المعتزين بالكافرين الموالين لهم، فقال: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا} [النساء:١٤٥].

الذين يطلبون العزة من الكفار والمنافقين لن يجدوا عزةً عند أقوامٍ مساكنهم الدرك الأسفل من النار، هذه طريقٌ لا يريدها الله، وأي عزةٍ تأتي على منوالٍ لا يريده الله فهي ذلةٌ في الدنيا وهوانٌ في الآخرة، هذا فرعون الذي اعتز بالتراب والماء ونسي خالق السماء، يقول: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الزخرف:٥١] ما سبب العزة عنده؟ ما صلته بالعزة؟ ما مؤهلات العزة لديه؟ مارصيد العزة عنده؟ أرضٌ ومالٌ وجاهٌ وسلطة {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الزخرف:٥١] انظروني في كثرة مالي وفي قوتي وفصاحتي، وفي المقابل يقول: انظروا إلى موسى في ضعفه وقلة ما في يده وشيءٍ من عيه، {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف:٥٢] وخدع الناس بهذه العزة الزائفة، {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف:٥٤] فما كانت نتيجة هذه العزة التي أساسها الشرك والظلم والتدجيل، ما هي نتيجتها؟ {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ} [الزخرف:٥٥ - ٥٦] إن أناساً طلبوا العزة والشهرة والرفعة عن طريق الإعراض والمحاجة لله ورسوله، هذا أبو جهل يمشي متبختراً مدعياً أنه أفضل وأعز أهل مكة وأكرمهم، فماذا كانت نتيجة عزته الواهمة والموهومة القائمة على الباطل؟ انظروا واسمعوا خبر عزته بكلام الله: (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ} [الدخان:٤٣ - ٤٤] والأثيم هو: أبو جهل، وكل من لف لفه وسلك مسلكه {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان:٤٣ - ٤٩] أي عزةٍ تتعلق بها، أي عزةٍ تدعيها؟ يقال له هذا تهكماً وهو في حالٍ من الذل والهوان في الدنيا والآخرة.