للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهم العزة فهماً مقلوباً

السؤال

فضيلة الشيخ! كثيرٌ من الأسئلة تتحدث عن التشبه بالكفار في مثل: القصات ومثل التفحيط بالسيارات أو تقليدهم في لبسهم أو غيره، فيعتبره البعض أنه من التمكن والتقدم ومن العزة؛ لأن الغرب الآن في تقدم وتطور، فما هو توجيهكم حفظكم الله؟

الجواب

هذا من الفهم المقلوب في قضايا العزة، لو أن رجلاً قتل أباك أو جدك وكان لهذا القاتل سمةٌ في لبسٍ أو لهجةٍ أو صفةٍ معينة، أفيسرك أن تقلد هذا القاتل في لهجته ولبسه وعاداته وانحرافاته؟

الجواب

لا.

إنك تمقت كل ما يذكرك بهذا المجرم المعتدي، فمن ذا الذي يسره أن يقلد القتلة الذين أوسعوا المسلمين تجويعاًً وسفكاً وقتلاً وتشريداً وتدميراً، اليهود الذين امتلأت سجونهم بإخواننا الفلسطينيين، اليهود الذين هدّموا البيوت والدور على الأبرياء والفقراء والمساكين؛ تخيل أنك جالس في البيت وإذا بالجرافة تأخذ الجدار الذي أنت مستندٌ إليه ثم تحمل بقية أثاثك وعفشك وكل شيء في بيتك ويُرمى بها في الشارع، هذا هو الذي يدور الآن في فلسطين، ويؤيدهم النصارى ويؤازرونهم، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [الأنفال:٧٣] فهل يسرنا أن نقلد سفلتهم أو أن نقلد المجرمين منهم والقتلة والسفاحين الذين هم في مجتمعاتهم.

للأسف أن بعض شبابنا أصبحوا يقلدون سفلة شباب الغرب، لم يقلدوا أناساً يتفقون مع عامة الناس، ليست القضية لبس بنطلون وكوت، لأن هذا أصبح منتشراً في العالم الإسلامي، لكن القضية أنهم يقلدونهم في أشياء أخرى، فتجد شاباً يضع السلسلة في يده أو على رقبته ويجعل قرطاً في أذنه اليمنى أو اليسرى ويجمع شعره ويجعله ظفيرةً كما تجعله النساء تقليداً، ليس كما كانت العرب تفعل من قبل إكراماً وترجلاً وغير ذلك، لا.

فهذه من المصائب، فالآن بدأت تظهر -ولا أقول: انتشرت حتى أكون دقيقاً في العبارة- بدأت تظهر علامات جماعات الهيبز، تجد أحياناً في الإشارة المرورية أربع دبابات سود من الدبابات الضخمة، وأصوات مزعجة وعليها شباب ظلماتٌ بعضها فوق بعض، شيء غريب جداً، وآخرين يرفعون صوت الموسيقى الغربية ويترنحون ويتراقصون طرباً ولهواً وغفلةً وكل ذلك تقليداً، وفي زمن العولمة ما يرى البارحة في أمستردام ربما يفعل صباحاً في قرية أو في بيتٍ أو في حارة، ما يفعل البارحة في جوتن بيرج أو في السويد أو في أي مكان، يفعل الصباح في قريةٍ أو في مدينةٍ صغيرة، فهذه مشكلة التبعية والهوان، وإن من مقاصد ديننا مخالفة أعداء الإسلام، بل صنف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتاباً عظيم القدر سماه: إقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، فينبغي علينا أن نتميز ونخالف اليهود والنصارى، بل ديننا لو تأملت كثيراً من الأمور لعلمت أننا نخالفهم في أشياء كثيرة جداً، وفي رسالة حجاب المرأة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، في فصل ذكر فيه بالأدلة -أي: جمعها بالاستقراء جمعاً مفيداً جميلاً لطالب علمٍ باحثٍ أو مستفيد- المواضيع التي فيها بالأدلة أن من ديننا ومن هدي نبينا صلى الله عليه وسلم مخالفة الكفار:

إليك تعدو قلقاً وضينها

معترضاً في بطنها جنينها

مخالفاً دين النصارى دينها

فلا بد أن نعتني بهذه القضية، وأن نتجنب التشبه لا من رجالنا ولا من نسائنا، والحال عند بعض الرجال والنساء هو الفخر بالمسابقة إلى التقليد والتشبه.