للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مثال واقعي لهلاك أمة]

ختاماً: أيها الأحبة! هذا جزءٌ مما يسر الله في بيان بعض أسباب الهلاك التي وقعت فيها من الأمم، فاستحقت سنة الله بإهلاكها: {وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص:٧٨] تهلك وتنتهي، فهل من معتبر؟ هل من مدكر؟ والله إننا نرى الأمثلة صارخةً واقعةً: الكويت أمسوا -ولا نقول شماتة، ولكن لكي نعتبر ونتعظ، لأننا نعلم أن مصيبتنا مصيبتهم، فمآسينا مآسيهم- لكن غابت عليهم الشمس وهم أغنى خلق الله، من الأثرياء من خلق الله، من أهل النعيم من خلق الله، وأشرقت عليهم الشمس وهم لا يملكون إلا ثيابهم التي يلبسونها: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ} [الأعراف:٩٧].

أحد الأساتذة كان في أمريكا يتصل بأهله في الكويت: ما الذي صار؟ يقولون: والله لا نعرف ماذا حدث؟ هو في أمريكا عبر الأقمار الصناعية الـ ( cnn ) ينظر الذي حصل، يتصل بأهله: يا جماعة! نحن ننظر دبابات داخلة عليكم!! ننظر الإطلاق!! هناك ضرب للقصر!! والله ما نعرف شيئاً، والله ما أدري: مناورة: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأعراف:٩٧ - ٩٨] ولقد حصلت: بعض الأمم هلكت، كان الناس يبيعون ويشترون في الأسواق، وفجأة ما وجدوا إلا والأعداء قد دخلوا وحلوا بهم: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:٣١] وهذا كما في سورة يس: {مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} [يس:٤٩] يتخاصمون ويتبايعون ويشترون في الأسواق، ويأخذون ويعطون ويردون.

فيا عباد الله: فوالله إن النذير والعبرة ماثلة لنا، هلكت لبنان وما اتعظ كثير من الناس، وهذه الكويت هلكت، ونسأل الله أن يردها؛ لكي يحكم فيها كتاب الله وسنة نبيه، ويؤمر فيها بالمعروف، وينهى فيها عن المنكر، وتكون عبرةً لأهلها وأصحابها وقومها، فالعبرة ينبغي أن تؤخذ، وإلا: {وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [يونس:١٠١] أي: ننتظر حتى يأتي الأعداء ويجثمون على رقابنا وصدورنا، وبعد ذلك نقول: مذنبون!! نحن ظالمون!! لا.

ينبغي أن يغير الناس، لكن في الحقيقة التغيير ليس على المستوى المطلوب، بعد هذه الفاجعة والله كنا نظن المساجد سوف تمتلئ، والناس سيرجعون إلى الله، أصحاب المحلات الفيديو سيتوبون إلى الله ويغلقونها، أصحاب محلات الأغاني، التبرج، السفور، المعاكسات، المخدرات، أشياء كثيرة، ولكن نسأل الله السلامة والعافية.

مصيبة أن العدو يتسلط على الأمة، ويكون لك فيه عبرة ولا تعتبر أبداً، العدو يريك الله في بأسه عبرة وآية، ولا تتذكر أبداً، فمتى نتذكر؟ مثل إنسان جاءه السرطان في رجله، قال: هون عليك يا رجل! ما زال لم يصل إلى قلبي، ورقى السرطان إلى ركبته، قال: إن شاء الله أُرَكِّب طرف صناعي، ووصل السرطان إلى فخذه، إلى جوفه، حتى أهلكه، فالذي لا يبادر بعلاج نفسه، ولا يبادر بتصحيح أوضاعه، متى يبادر؟ إذا دب السرطان في قلبه، واختلط بدمه وأهلكه، ولا ينفع فيه عندئذٍ حبيب ولا طبيب.

فنسأل الله لنا ولأمتنا وولاة أمرنا، وعلمائنا وشبابنا أن نعود إليه عوداً حميداً، ونسأله المرد إليه رداً جميلاً، اللهم إنا نسألك بأسمائك وصفاتك، واسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت أن تحمي حوزة الدين، وأن تحفظ أعراض المؤمنين، وأن تعز الإسلام والمسلمين.

اللهم أهلك البعثيين، اللهم أهلك البعثيين في أنحاء الأرض جميعاً، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم أحصهم عدداً، واجعلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم، واجعل سلاحهم في صدورهم، اللهم اخسف الأرض بهم، وأرسل طيراً أبابيل من فوقهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم افضحهم بين الخلائق، اللهم من أَسَرَّ في نفسه سوءاً ومكراً وخديعةً لنا ولولاة أمورنا وعلمائنا، اللهم اخزه وافضحه على رءوس الخلائق.

{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات:١٨٠ - ١٨٢].