للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توجيه الصحوة إلى سلامة الصدر]

فأول ذلك وأهمه: سلامة الصدر من الحقد والإحن والغل والحسد، وذلك أمر عجيب وغريب! ربما وجدت اثنين من الصالحين أو من عامة المسلمين الذين ليس عليهم من سيما الفجور والفساد والمعاصي الشيء الكثير، ولكن ربما سمعت من لسان أحدهم استطالة في عرض أخيه، وغيبة وحسداً وحقداً وسوء ظن وتفسيراً للأمور على غير ظاهرها، وتجييراً للأحوال على ما لا يُراد منها، وبالجملة فإن ذلك من الأمراض الموجودة سواءً في بعضنا أو في غيرنا، المهم أن ذلك مرض ينبغي أن نعالجه وأن ننتبه منه.

وإن من صوره: الانقباض وعدم الانبساط، وعدم إفشاء السلام، وعدم لين الجانب، وعدم خفض الجناح، وعدم التواضع، وعدم حسن الظن وأمور كثيرة كلها بسبب عدم سلامة الصدر من الغل والحسد والحقد والبغضاء.

أيها الأخ الكريم! معاذ الله أن يكون في قلبي وقلبك شيء من الحسد على إخواننا، فالحاسد ليست له قضية، إن كنت في مصيبة رأيته شامتاً، وإن كنت في نعمة رأيته حاسداً، وإن كانت فيك خصلة من خير جحدها وأنكرها وأولها وجيرها، وقال: أراد كذا وقصد كذا وطلب كذا ومراده كذا، وتسلق وتسلط على فؤادك يريد أن يحكم على نياتك وخفياتك التي لا يعلمها إلا الله عز وجل.

والحاسد إن كانت فيك خصلة شر هتك أستارها ونشرها وتحدث بها ونبأ بها الغادين والرائحين، ولن تجد هذا الذي يحمل الغل أو الحسد لن تجده يوماً من الأيام ناصحاً.

وإن صفات المؤمنين سلامة صدورهم على إخوانهم، بل وعلى الذين يأتون من بعدهم، قال الله جل وعلا: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:٩ - ١٠] أي: لا تجعل في قلوبنا غلاً وحقداً وحسداً، وإن سلامة الصدور لمن صفات أهل الجنة وما نريد بسعينا في صلاة وصيام وذهاب وإياب وحل وترحال وسفر وضعن وإقامة، إلا وجه الله ورضا الله ثم هذه الجنة التي هي دار النعيم ودار الخلود.