للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل مجالس الذكر]

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:١ - ٢] الحمد لله على نعمه التي لا تحصى وعلى آلائه التي لا تنسى، نحمده أن هدانا إلى الإسلام، ووفقنا إلى التوحيد، وأطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، ومن كل خيرٍ سألناه أعطانا.

ثم الصلاة والسلام على رسوله وصفيه من خلقه محمد بن عبد الله، وعلى آله وأزواجه ومن اتبع هداه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أحبتي في الله: أسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا واسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب، أن يجعل هذا الاجتماع للجميع خالصاً لوجهه، وأن يجعله في موازيننا: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٨ - ٨٩].

أحبتي في الله: لستم بحاجة إلى أن أذكركم؛ لأن استحضار النية والاحتساب أمرٌ لا شك موجود لدى الجميع، ولكن ما جلس قومٌ يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، وفي الحديث: (إن لله ملائكة سيارين يبتغون حلق الذكر ورياض الجنة، فإذا رأوا ذلك نادى بعضهم بعضاً أن هلموا -والحديث طويل- وفيه: أن الله جل وعلا يسأل ملائكته: علام اجتمع عبادي هؤلاء؟ فتقول الملائكة: يسألونك، ويقول الله جل وعلا: وما الذي يسألون؟ فتقول الملائكة: يسألون الجنة).

ووالله ما جاء بنا وما جاء بكم، وما أقض مضاجع العارفين إلا طلب الجنة، وطلب الرحمة النجاة من النار، ولما جاء ذلك الأعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم سأله قال: (يا أعرابي! ما تقول في صلاتك؟ قال: أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، ولكني أتشهد ثم أسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار، فقال صلى الله عليه وسلم: حولها ندندن) كلنا نريد الجنة ونعوذ بالله من النار.

وتمام الحديث: (أن الله جل وعلا يسأل ملائكته وهو أعلم: ومم يستجير عبادي هؤلاء؟ فتقول الملائكة: من النار، فيقول الله جل وعلا: وهل رأوها؟ فتقول الملائكة: لا يا ربنا! فيقول جل وعلا: كيف لو رأوها؟ فتقول الملائكة: يكونون أشد منها خوفاً وبُعداً، فيقول الله جل وعلا: يا ملائكتي أشهدكم أني غفرت لهم) الله أكبر! والله -أيها الإخوة- إن مجاهدة النفس لحضور مثل هذه المجالس الطيبة العطرة لَعبادة جليلة لا يغني عنها بديل، فلو أن آخر قال: أنا أستمع الشريط -مثلاً- ولا أريد الحضور، لا شك أن في استماعه الشريط خيراً وبركة ولكن لا ينال أجراً كأجر الذي جلس في هذه الروضة، واستمع وذكر، وسبح وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم.

فبادئ ذي بدء: وددت أن أذكركم بهذا ولا أظن أنه يخفاكم.