للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[نداء من البوسنة]

قبل هذا السؤال أخي الكريم! نداء جميل وطيب من إخواننا في مكتب الهيئة العليا، مفاده: أن إخواننا غير خافٍ عليكم ما يمر بهم في هذه الأيام من تسلط أعدائهم الكروات وأعدائهم الصرب وما هم فيه من مشقة في أحوالهم سواءً في مساكنهم أو في البرد الذي يمر بهم، أو مرض أطفالهم، أو موت عجائزهم وشيوخهم وكبارهم، لذا نهيب بإخواننا أن يتبرعوا لوجه الله جل وعلا، وكل في ظل صدقته يوم القيامة {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى:١٤ - ١٥] فأعينوا إخوانكم.

وإني أبشركم -أيها الأحبة- أن الوضع منذ أشهر وليس منذ أسابيع قد تحول لصالح المسلمين في البوسنة والهرسك، وخذها قاعدة: إذا رأيت المفاوضات الدبلوماسية في أوروبا نشطة ومتحركة ومتتابعة لحل أزمة البوسنة والهرسك؛ فاعلم أن المسلمين في تقدم، إذا كان الكفار يذبحون في المسلمين تجد أن هذه المفاوضات تمشي مشي السلحفاة؛ أما إذا كانت الكفة لصالح المسلمين، فإن المفاوضات تمشي عجالاً، على الأقل يكسبون وقف إطلاق النار وهذا الكلام أنقله بما عرفت من كثير من المسئولين في حكومة البوسنة، ومنذ قرابة أسبوع جاءني أحد الشباب من أكثر من مدينة من سراييفو ومن جراشتا ومن زنيتسا ومن مستار ومن زرنيك ومن غيرها ويقول: إن الأوضاع لصالح المسلمين، إلا أن المسلمين في هذه المرحلة يركزون أولاً على القضاء على الكروات لماذا؟ لأن الكروات متداخلون مع المسلمين في كل شارع وسكة وطريق ومحل، وهؤلاء الكروات هم الذين دائماً ينقضون العهد ويدلون الصرب على المسلمين ويحددون المواقع، وهم شوكة في حلوق المسلمين في كل مكان؛ لأجل ذلك كانت الاستراتيجية الجديدة: القضاء على الكروات أولاً ثم تصفية الصرب ثانياً.

ولذلك المعارك الآن بنسبة كبيرة جداً لا تقارن بين الكروات والمسلمين أكثر منها بين المسلمين والصرب.

الأمر الآخر: أن كثيراً من الصرب ولله الحمد والمنة -وهذه بشارة- صاروا يبيعون الأسلحة ويبيعون الذخيرة، عندك مال أعطه الثقات أو اذهب أنت بنفسك معهم فهم مستعدون أن يجعلوك تقابل قائداً صربياً يبيعك دبابة ويبيعك ذخيرة ويبيعك أسلحة ويبيعك ناقلات، بل إن بعض قوات الأمم المتحدة يبيعون الوقود، بل قال بعضهم لأحد ضباط الأمم المتحدة: أما تخشى أن يعلم رؤساؤك بك؟ قال: إذا علموا فذلك ما كنت أبغي؛ لأني بعت لكم معاشر المسلمين من الوقود الشيء الكثير بأموال أتمنى أن أُفصل بسببه من الخدمة فأستمتع بالأموال التي جمعت! أكثر ما عندهم أن يعطوا عقوبة أو سجن أيام أو أشهر ثم يعود ليستمتع بالأموال التي جمعها، قال: وبقائي في المعركة خطأ، ولذلك إذا رأيتم الأعداء يبيعون السلاح ويتاجرون بأسلحتهم فاعلموا أن واقع المسلمين في خير، خاصة بعد تلك المحاولة الناجحة التي قادها عدد من الشباب العرب المسلمين، واستطاعوا أن يختطفوا نائب القائد الكرواتي في ليلة ليلاء، كما ذهب محمد بن مسلمة وجر كعب بن الأشرف من معصمه واستنزله من عُصم منزله، وأخذوا ذلك القائد ودخلوا به أسيراً، وأبلغوا قوات الأمم المتحدة، فجاءت الأمم المتحدة تفاوض على إخراجه قالوا: لا نسلمه لكم إلا رأساً على طبق إن لم تخرجوا لنا إخواننا الأسرى من العرب وغير العرب، وفعلاً تمت عملية المبادلة وسجلت بالفيديو وثائقياً ورأيتها بعيني.

بعد تلك الحادثة أصبح كل مجموعة من الشباب يشتهون أعمالاً ومغامرات جميلة، الذي يذهب ويسرق له (نقيباً)، والذي يسرق له (ملازماً أول)، والذي يخطف له (ضابطاً) فقط، وآخر يذهب ويخطف (عريفاً) أو (جندياً) فيقولون: لم تأت بشيء، احضر واحداً محترماً! فالحاصل أن إخوانكم بحمد الله في تقدم.

وأيضاً يقول أحد المسئولين في الحكومة البوسنية: قتلى الصرب من العسكريين أكثر من قتلانا العسكريين المسلمين، وقتلى المسلمين المدنيين أكثر من قتلى الصرب المدنيين لماذا؟ لأن الصرب في المعارك يموت منهم الكثير والمسلمون لا يضربون على مواقع مدنية آمنة، لكن الصرب يضربون المدينة ضرباً بالصواريخ وبالطائرات حتى تكون خراباً يباباً ثم يتجولون في الأسواق ويقولون: انتصرنا هذا ليس انتصار! مدينة تُضرب بالطائرات والمدافع الثقيلة سبعة أيام أو عشرة أيام ثم يدخلها الصرب يرفعون السلاح وهي مدينة فارغة! هذا كالذي قال: أنا قتلت ذلك الضابط.

قال: لماذا لم تقطع رأسه؟ قال: وجدت رأسه مقطوعاً.

فليست شجاعة أن يفتخروا أو يعدوها شجاعة في الانتصار على مدن فارغة خالية ليس فيها من الجنود أحد، والخلاصة وما وصلنا إليه أن تتبرعوا والصناديق عند الأبواب جزاكم الله خيراً.