للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحياء لا يأتي إلا بخير]

السؤال

شيخنا الفاضل! غفر الله لك، إني أحبك في الله، وسؤالي: إني إذا سلمت على بعض الناس أنزل رأسي في الأرض حياءً منه، فهل هذا من سوء الخلق؟

الجواب

الحياء لا يأتي إلا بخير، بعض الناس تجد عنده حياءً لدرجة أنه لا يستطيع أن يلقي بعينه في عين من حدثه، إذا كان هذا من باب الحياء، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يُكثر على صاحبه في الحياء، فقال: (دعه، لا تكثر عليه، إن الحياء لا يأتي إلا بخير).

فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء

فالحياء كله خير، ومن الناس وأنا أعرف أناساً فعلاً فيهم خجل عجيب وعجيب جداً، وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها، كان صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- من أشد الناس حياءً، والله يا إخواني نحن ربما أهمتنا سير بعض المتأخرين والمتقدمين، ولكننا نجهل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، نحن بأمس الحاجة إلى أن نقرأ دقائق تفاصيل سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وإنك والله إذا قرأت سيرته لتشعر أنك تعيش معه وتعيش بجواره، وتنظر إلى عذوبة لفظه وطيب أخلاقه ولين معشره وحلاوة كلامه صلى الله عليه وسلم، يقول أنس بن مالك: [خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما نهرني ولا كهرني، وما قال لي فيما فعلت: لمَ فعلت؟ وما لم أفعل: لم لم تفعل؟] وكان يقول: (يا أنيس) يداعبه ويلاطفه بالكلام الطيب صلى الله عليه وسلم.

فالحياء كله خير ولكن كان صلى الله عليه وسلم أشد الرجال وأقوى الرجال وأشجع الرجال وأغير الرجال إذا انتهكت محارم الله جل وعلا، بعض الناس يعد من الحياء أن يترك قوماً لا يشهدون الصلاة، يقول: تركتهم حياءً منهم، ويجد أناساً على منكر فيتعداهم ويقول: استحيت أن أنصحهم، ويجد آخرين يقترفون المعصية ويتركهم ويقول: حياءً منهم لا، ليس هذا من الحياء ألبتة.