للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من الخطأ استقبال القبلة حال قضاء الحاجة وبناء المراحيض في اتجاه القبلة]

ومن الأمور والأخطاء التي يقع فيها كثير من المسلمين: أنهم يستقبلون القبلة عند البول والغائط، وهذه مسألة قد عمت وعظمت بها البلوى، وشاعت في بيوت ومراحيض كثير من الناس، بل حتى عند المساجد، فيغفل البعض أو يتساهل البعض من المسلمين عند بناء بيوتهم عن تغيير اتجاه أماكن الخلاء خلافاً لجهة القبلة، بل إن بعضهم قد يتعمد ذلك، ولا يبالي بموضوع السنة، أو ما ورد في هذا، إذا كان هذا يوافق مخطط البناء، وهذا من المصائب التي ابتلينا بها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يتساهل بعض المسلمين عند قضاء حاجته، فقد يكون مستقبلاً للقبلة ومع ذلك فلا ينحرف عن جهة القبلة يميناً أو يساراً، وهذا مما شاع في هذا الزمان، وفي هذا نصوصٌ صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم تحذر من ذلك: فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة، ولا يولها ظهره، ولكن شرقوا، أو غربوا) رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن، وقوله: (شرقوا، أو غربوا) هذا بالنسبة للمدينة، أما بالنسبة لنا هنا، فإن من غرب، فقد استدبر أو استقبل القبلة، وكذلك من شرق.

فالمهم أن ينحرف الإنسان عن جهة القبلة، وأن يحرص على صرف مراحيض بيته عن جهة القبلة دبراً، أو قبلاً، واختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال عديدة: فمنهم من ذهب إلى القول بتحريم استقبال القبلة، أو استدبارها، وهذا هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، قال ابن القيم رحمه الله: لا فرق في قضاء الحاجة بين الفضاء والبنيان ببضعة عشر دليلاً، وقال الشيخ ابن قاسم: وهذا أصح المذاهب في هذه المسألة، وليس مع من فرق بينها ما يقاومها البتة، وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه حرام، قال: وأشار إلى تحريمه جماعة من أصحابنا، ثم قال الشوكاني بعد ذلك: وهو الحق، أي: أن النهي في عدم استقبال القبلة بغائط أو بول هو الحق، لأن النهي يقتضي التحريم ولا صارف له، فلا وجه للحكم بالكراهة فقط.