للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النوم المستغرق يبطل الوضوء]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، والتزموا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، وعضوا عليها بالنواجذ، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

أيها الأحبة! ومن المخالفات التي يقع فيها كثيرٌ من المصلين والمسلمين أن أحدهم يأخذه النوم وهو في صلاة الجمعة، أو في مسجد من المساجد، فإذا أقيمت الصلاة خاصةً صلاة الفجر والجمعة، قام وصلى مع المسلمين، ولم يلق لنومه بالاً، ولم يعره اهتماماً، ولم يعرف ذلك المصلي أن بعض النوم قد ينقض الوضوء، فيصلي صلاةً بغير وضوء، فتكون صلاةً باطلةً غير صحيحة، ونسوق هنا فتوى لسماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز نسأل الله أن يمد في عمره، وأن يبارك له في وقته، وأن يمتعه بالصحة والعافية، نسوق هنا فتوى له في هذه المسألة سئل سماحته حفظه الله عن الذين ينامون في المسجد الحرام قبل الظهر والعصر مثلاً، ثم يحضر المنبه للناس يوقظهم، فيقومون للصلاة دون أن يتوضئوا، وهكذا بعض النساء أيضاً، فما حكم ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

فأجاب سماحته بما نصه: النوم ينقض الوضوء إذا كان مستغرقاً قد أزال الشعور، لما روى الصحابي الجليل صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه، قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا مسافرين ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم).

أخرجه النسائي والترمذي واللفظ له، وصححه ابن خزيمة، ولما رواه معاوية رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العين وكاء السه) قال ابن الأثير في النهاية: والسه: حلقة الدبر (العين وكاء السه، فإذا نامت العينان، استطلق الوكاء) أخرجه أحمد والطبراني، وفي سنده ضعف، لكن له شواهد تعضده كحديث صفوان المذكور، وبذلك يكون حديثاً حسناً، وبذلك نعلم أن من نام من الرجال أو النساء في المسجد الحرام، أو في غيره، فإنه تنتقض طهارته، وعليه الوضوء، فإن صلى بغير وضوء، لم تصح صلاته.

واعلموا -أيها الأحبة- أنه لا حاجة إلى الاستنجاء في النوم ونحوه كالريح، ومس الفرج، وأكل لحم الإبل، وإنما يجب الاستنجاء أو الاستجمار من البول والغائط خاصة، وما كان في معناهما قبل الوضوء، أما النعاس فلا ينقض الوضوء؛ لأنه لا يذهب معه الشعور، وبذلك تجتمع الأحاديث الواردة في هذا الباب، والله ولي التوفيق، انتهى جواب سماحته.

وعلى ذلك، فمن نام في مصلاه، فعليه إعادة الوضوء، فإن صلى ولم يعد، بطلت صلاته، أما من نعس، فلا يعيد وضوءه كما تقدم، والله تعالى أعلم.